35

La Tendresse et les Larmes d'Ibn Qudama

الرقة والبكاء لابن قدامة

Chercheur

محمد خير رمضان يوسف

Maison d'édition

دار القلم،دمشق،الدار الشامية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

Lieu d'édition

بيروت

وَجَعَلَتْ تُصِيبُ مَالَهُ مَالا مَالا، فَكُلَّمَا انْتَهَى إِلَيْهِ هَلاكُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَحْسَنَ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ، وَرَضِيَ بِالْقَضَاءِ، وَوَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْبَلاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ أَتَى أَهْلَهُ وَدَارَهُ وَهُمْ فِي قَصْرٍ لَهُ، فَصَارَ رِيحًا عَاصِفًا، فَاحْتَمَلَ الْقَصْرَ مِنْ نَوَاحِيهِ، فَأَلْقَاهُ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ حَتَّى شَدَخَهُمْ، ثُمَّ أَتَاهُ فِي صُورَةِ قَهْرَمَانَةٍ عَلَيْهِمْ، فَأَخْبَرَهُ، فَجَزِعَ عَلَى وَلَدِهِ، وَقَالَ: لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، ثُمَّ رَجَعَ أَيُّوبُ فِيمَا قَالَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَسَبَقَتْ تَوْبَتُهُ عَدُوَّ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَدُوُّ اللَّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَنَفَخَ فِي جَسَدِهِ، فَصَارَ ثَآلِيلَ كَثَآلِيلِ الْغَنَمِ، فَحَكَّ بِأَظْفَارِهِ حَتَّى سَقَطَتْ، ثُمَّ بِالْفَخَّارِ وَالْحِجَارَةِ حَتَّى تَسَاقَطَ لَحْمُهُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ وَالْعِظَامُ، وَعَيْنَاهُ تَجُولانِ فِي رَأْسِهِ لِلنَّظَرِ، وَقَلْبُهُ لِلْعَقْلِ، وَلِسَانُهُ لِلذِّكْرِ، وَلَمْ يَخْلُصْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ حُشْوَةِ الْبَطْنِ، لأَنَّهُ لا بَقَاءَ إِلا بِهَا، وَمَنْ غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: " وَتَرَكَهُ جَمِيعُ النَّاسِ وَاطَّرَحُوهُ، إِلا امْرَأَتَهُ رَحْمَةَ بِنْتَ مِيشَا بْنِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ ﵈، فَإِنَّهَا صَبَرَتْ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تَتَصَدَّقُ بِالْكِسْرَةِ وَاللُّقْمَةِ وَتُطْعِمُهَا إِيَّاهُ، وَتَطْحَنُ لِلنَّاسِ بِيَدِهَا وَتَأْخُذُ أُجْرَتَهَا طَعَامًا لَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ، وَيُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ بَلَغَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ أُلْقِيَ عَلَى زَبَلٍ وَسُتِرَتْ عَوْرَتُهُ بِالرَّمَادِ، تَقَعُ عَنْهُ الدُّودَةُ فَيَرُدُّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا فِي بَدَنِهِ، رَجْعُ الْحَدِيثِ إِلَى وَهْبٍ: قَالَ: فَلَبِثَ فِي ذَلِكَ الْبَلاءِ ثَلَاثَ سِنِينَ لَمْ يَزِدْ يَوْمًا وَاحِدًا، فَلَمَّا غَلَبَهُ أَيُّوبُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْهُ شَيْئًا، اعْتَرَضَ لامْرَأَتِهِ فِي هَيْئَةٍ لَيْسَتْ كَهَيْئَةِ بَنِي آدَمَ فِي الْعِظَمِ وَالطُّولِ وَالْجِسْمِ، عَلَى مَرْكَبٍ لَيْسَ مِنْ مَرَاكِبِ النَّاسِ، فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ

1 / 77