22
وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن تحقير العبد والاستهانة به بتذكيره ما هو فيه من الاستعباد، فقد جاء عن أبي هريرة أنه قال: قال عليه الصلاة والسلام: «لا يقل أحدكم عبدي، أمتي، وليقل فتاي، وفتاتي وغلامي.» وقد استند أبو هريرة على هذا الحديث، فقال رضي الله عنه: «لا تقل عبدي لأننا كلنا عبيد الله.» ورأى رضي الله عنه رجلا على دابته وغلامه يسعى خلفه، فقال له: «احمله خلفك يا عبد الله، فإنما هو أخوك، وروحه مثل روحك.»
وقد جاء في كلام الإمام علي
23
كرم الله وجهه ما هو خليق باسمه من العلو والسمو وجدير به من كرم الأخلاق وحسن الشمائل، فقد قال: «إني لأخجل من نفسي إذا استعبدت رجلا يقول الله ربي.» أليس هذا الكلام صادرا عن نفس زكية أبية؟!
وقد أوصى عليه الصلاة والسلام المولى بأنه إذا أتاه خادمه (حرا أو عبدا، ذكرا أو أنثى) فليجلسه معه ليأكل، أو فليناوله لقمة أو لقمتين. أو أكلة أو أكلتين، فهلا يرى المنصف في ذلك سعيا في أحكام التقريب، واستكمال الاتصال بين السيد ومولاه؟!
وقد ورد الشرع الشريف بالحث على تعميم التربية والتعليم ونشر أنوارهما وفوائدهما في كل مكان، على كل إنسان، لا يستثنى من ذلك الأرقاء ولا العبدان، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «من كانت له جارية فعلمها وأحسن إليها وتزوجها كان له أجران في الحياة الأخرى: أجر بالنكاح والتعليم، وأجر بالعتق.»
24
فهلا ترى في ذلك دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا على أن الشريعة الإسلامية لا تحث فقط على معاملة الرقيق بالحسنى، بل تأمر أيضا بتهذيبه وتأديبه؟!
ونشهد الآن بالتاريخ، ونذكر بعض الحوادث الصادقة الصحيحة فنقول:
Page inconnue