ساعة وقطع ستة وخمسين ميلا إلى شمالي الشمال الشرقي. ويعتبر الدكتور روص كلا من أربيل وعقرة في شمال بغداد تقريبا.
وقد استقبله الباشا استقبالا حسنا ، لكنه بعث إليه بمن يعتذر منه شخصيا لعدم قيامه له في مجلسه أثناء دخوله عليه ، كما يجب أن يجري بالنسبة لخادم من خدام ملك إنكلترا ، نظرا لأنه كان محاطا بأناس لم يتم إخضاعهم إلا مؤخرا ولأن الوقوف بوجودهم ينطوي على التساوي بينه وبين الباشا في نظرهم ، وهذا مما قد لا يكون من مصلحته أن يفعله أو يعترف به أمام ملأ من الناس. فألفى الباشا رجلا وسيم المظهر محبا للخير ، يبلغ الخامسة والأربعين من عمره تقريبا. كما وجده أبيض البشرة تبدو فيه آثار الجدري. وقد اعورت إحدى عينيه وأصبحت منخفضة معتمة. وكانت لحيته تبلغ حوالي اثنتي عشرة بوصة في الطول ، ذات لون بني خفيف ، ولم يمشط نصفها الأسفل ولذلك كانت ملبدة بعضها ببعض. أما من النواحي الأخرى فقد كان مرتب اللباس والهندام. وكانت إحدى رجليه مصابة بالعرج لرفسة أصابته من أحد الخيول ، كما كان يتكلم بصوت خافت. وقد دخل في حديث طويل مع الدكتور روص أكثر من مرة ، في مواضيع عامة غالبا. فاستفسر منه عن طريقة التعليم في انكلترا ، وديانة أهل الهند والصين متصورا أن الصين كانت تابعة لنا على شاكلة الهند. وقد كان يرغب كذلك في معرفة علاقتنا بإيران وروسية. ثم استفسر في مناسبة أخرى عن أشياء كثيرة مثل استعمالات الأدوية وتأثيراتها ، وحالة النبض في أثناء المرض ، وعن الطاعون والهيضة وغير ذلك. وانتقل بعد ذلك إلى مواضيع الحرب ، فتحدث عن الطبنجات والمسدسات ، وأخرج طبنجة إنكليزية قديمة ذات سبطانتين وبندقية ، فكانت هذه مع سيف ومرقب (تلسكوب) وشمسية وسرير خشبي وعدد من المحافير تكون القسم الأكبر من اثاث خيمته وفيما يقرب من خيمته الخاصة كانت هناك خيمة واسعة ذات عمودين يعقد فيها الاجتماعات قبل الظهر وفي الليل. وهو لا يذهب إلى النوم مطلقا قبل بزوغ الفجر ، وعند ذاك ينام إلى التاسعة أو العاشرة من صباح اليوم التالي. وقبيل الصلاة الأخيرة بربع ساعة يعزف جوق صاخب شيئا من الموسيقى ، وفي وقت الصلاة تطلق طلقة من المدفع.
Page 25