المزير بضم أوله وهو اسم فاعل من أزاره ، ولكن العامي يستثقل لفظة مزير وأن يقول : جاء المزيرون ، ورأيت المزيرين ، ومررت بالمزيرين ، فهو يفضل أن يقول : جاء المزورون ورأيت المزورين الخ وعدا هذا الاستثقال في اللفظ لا تتضمن لفظة مزير ما تتضمنه لفظة مزور ، لأن المزير اسم فاعل من أزار ، أي جعله يزور ، وأما المزور ، فهو الذي يخدم الزائر ويكرمه ، وهو أقرب إلى المعنى المراد ، برغم قبح اشتراكه في معنى آخر.
وبالاختصار نقول : إن في الحجاز الشريف حماه الله طائفتين لا بد لقاصد الحجاز أن يكون له علاقة معهما ، ولا يكاد يستغني أحد عنهما ، وهما المطوفون بمكة ، والمزورون بالمدينة.
فالحاج يأتي غريبا ، لا يعرف أحدا ، والغريب أعمى ، ولو كان بصيرا ، فلا بد له من دليل يدله ، ويسعى بين يديه ، ويقضي حوائجه ، ويرتب له قضية سفره ومبيته ، ويعلمه مناسك الحج ، التي أكثر الحجاج يجهلونها ، وإن كان منهم من يعلمها جملة ، فليس يعلمها تفصيلا ، وإن كان منهم من يعلمها جملة وتفصيلا ، فهو النادر الذي لا يبنى عليه حكم.
وزد على هذا أن الحجاج ليسوا جميعا من أبناء العرب ، فيمكنهم أن يسألوا عن الطرق ، والمنازل ، والمناسك ، والمناهل ، ويزيلوا عمى الغربة بطول السؤال ، لإمكان تفاهمهم مع الحجازيين ، بل حجاج العرب لا يزيدون على خمس حجاج المسلمين ، والأخماس الأربعة الباقية هي من أمم تجهل اللسان العربي ، فكيف يصنع حجاج هذه الأمم إذا لم يكن المطوفون؟ وكيف تصنع المزدارة (زوار المدينة المنورة) إذا لم يكن المزورون؟
وإني لأعلم أن كثيرا من الناس يطعنون في المطوفين والمزورين ، بل يبالغون في ذمهم ، أو في ذم العدد الكثير منهم ، ويقولون : إنهم
Page 123