Le Voyage Hijazi

Chekib Arslan d. 1368 AH
145

امتلأت ماء ، ولم تزل تصعد إلى أن تصير على فم القناة التي ينصب فيها الماء جاريا إلى البركة ، فأفرغت الظروف ماءها ، ورجعت الدابة من آخر المنحدر صاعدة نحو البئر ، فنزلت بتلك الظروف ثانية إلى قعرها ، لتمتلىء ماء وهلم جرا.

وإلى اليوم لم يعتمد أهل الطائف والقرى التي حولها على الآلات البخارية الرافعة ، ولا يزالون على عاداتهم القديمة في رفع المياه ، وقد رغبتهم كثيرا في استعمال المحركات البخارية ، لما فيها من التوفير ، ومن زيادة الري ، وذكرت لهم كيف أن أهل المدينة المنورة قد عولوا عليها في السنين الأخيرة ، فوجدوا فرقا عظيما في كمية الماء الذي يستفيضونه ، واستخلصوا دوابهم التي كانت تهلك في هذا الصعود وهذا النزول ، فاعتذروا بأن مياه المدينة [المنورة] أغزر من مياه الطائف ، وأنه مهما رفعت الآلات منها فلا تنزحها ، بخلاف مياه الطائف وجوارها ، فإن الآلة البخارية إذا اشتغلت بضع ساعات فوق فم قليب نزحت كل ما فيه ، واضطر صاحب البئر أن يعطل الآلة مدة ساعات أخرى ، حتى تجتمع فيها كمية من الماء.

والحقيقة أن البداية كما يقال صعبة في كل عمل ، وإلا فإن آبار الطائف وقراها وقد تحصى بالألوف ليست جميعها سواء في النزارة ، ومنها آبار فائضة ، لا تنزحها الدلاء ، ولو تحركت آلاتها الرافعة ليلا ونهارا.

وقد اقتنع بهذه الحقيقة في أثناء وجودي في الطائف صيف سنة (1348) صاحب السمو الأمير فيصل ، نجل ذي الجلالة الملك عبد العزيز بن سعود ونائبه في الحجاز عندما يكون الملك في نجد فأراد أن يشرع هو بالعمل ، ليقتدي به أصحاب السواني ، وبعث إلى جدة ، فاستحضر آلة تدار بزيت الكاز ، وأمر بتركيبها على إحدى آبار شبرا في أول الطائف ، وما أظن أصحاب البساتين إلا مقتدين بعمله ،

Page 181