Voyage dans le temps de la Nubie : Étude sur l'ancienne Nubie et les indicateurs de développement futur
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Genres
بالنسبة للتنمية الزراعية في الإقليم هناك تحفظ بيئي ومشكلة ري.
التحفظ البيئي منطلقه أن بحيرة ناصر هي مصدر المياه المصرية، ومن ثم يجب الحفاظ على نقائها من الملوثات، وهذا منطلق يتفق عليه الجميع، ولكن المبالغة فيه قد تؤدي إلى الإحجام عن القيام بأي نشاط اقتصادي. يقول البيئيون إن الزراعة ستفسد مياه البحيرة بما يعود إليها من الماء الباطني من الحقول، حاملا معه الكثير من أملاح وبقايا الأسمدة الكيميائية والمبيدات السامة. وكذلك هناك اقتراح بتغيير جميع أشكال المحركات في سفن السياحة وسفن النقل السلعي وقوارب الصيد ولنشات النزهة وطلمبات ضخ المياه، من محركات تعمل بالديزل والبنزين إلى أخرى تعمل بالكهرباء أو الطاقة الشمسية المتوافرة بوفرة لا مزيد عليها، لكن مثل هذه التخوفات مبالغ فيها؛ فالأراضي الشاطئية يمكن أن تزرع في صورة ري الحياض ولا تحتاج لأسمدة لسببين:
الأول:
أن هذه الأرض تتجدد خصوبتها سنويا - أو كل عدد قليل من السنين - نتيجة لإرسابات بعض الطمي خلال فترة ارتفاع منسوب الماء، أو إضافة الطمي الناتج عن تطهير البحيرة.
الثاني:
أن الأرض غالبا ستستمد خصوبة متزايدة من السماد العضوي، الناجم عن ترك الحيوان يرعى الأعلاف الخضراء وقتا من الزمن في الحقول دون الحاجة إلى أسمدة كيماوية.
أما مشكلة الري، فهي الفارق الرأسي بين محطات الطلمبات العائمة وحقول أراضي العلو (180-190 مترا) فإذا كان منسوب الخزن 175 مترا، فالمشكلة ليست كبيرة، لكنها تصبح عويصة في السنوات التي ينخفض فيها منسوب الخزن إلى ما دون 170 مترا، فحين يكون الفارق الرأسي بين رأس الطلمبات والأرض المزروعة 20-25 مترا أو يزيد، فإن المسافة بين الحقول وماء البحيرة تزيد مما يستدعي إطالة أنابيب ضخ المياه الأفقية، وعدم الإفادة منها في حالات ارتفاع مناسيب البحيرة، لهذا فربما يكون من الأوفق حفر آبار ليست عميقة عند أراضي العلو، تأخذ من المياه الجوفية على أعماق مناسبة، وبالتالي لا نعود في حاجة إلى طلمبات عائمة. والأمر يحتاج إلى رأي الخبراء في هذا المجال، أما مشكلة التلوث الناجمة عن الزراعة في هذه المناطق العالية نسبيا، فربما تكون مشابهة للموضوع سابق الذكر عن الزراعة الشاطئية، من حيث استخدام السماد العضوي من مخلفات الحيوان، وتقنين استخدام الأسمدة الكيميائية، بمعنى أن مخاطر التلوث محدودة.
وعلى أية حال نحن هنا نتكلم عن زراعة نحو ربع مليون فدان، ولا تصل إلى نصف مليون فدان إلا تحت ظروف استثمارية مناسبة، ومع ذلك نخشى التلوث، فما بالنا بمشاكل التلوث متعددة المصادر: الزراعي والصناعي، وذلك الناجم عن سوء سلوكيات الإنسان على طول مسار النيل في الصعيد والدلتا! فالصعيد الشمالي يستخدم مياها ملوثة من الصعيد الجنوبي، والقاهرة تستخدم مياها ملوثة من كل الصعيد، وتضيف إلى التلوث أضعافا مضاعفة تستخدمها الدلتا في سد مختلف الاحتياج للماء!
شكل 1-4: الأرض القابلة للاستصلاح والزراعة في النوبة - بحيرة ناصر - بين مناسيب 170-210 أمتار فوق سطح البحر مقدرة بنحو 235 ألف فدان. ملاحظة: أبوسكو تشتمل على أراضي أودية أبوسكو ورحمة والأبيض.
وبوجه عام يجب أن ننظر إلى بحيرة ناصر على أنها جسم حي، تختلف فيه صفات المياه من حيث التجدد والتغير حسب أعماق البحيرة، فللمياه في متسعات الأخوار والخلجان صفات هيدروليجية مختلفة عن المياه العميقة، التي تكاد أن تلتزم بمسار النيل القديم قبل السد العالي، والتي تحدث فيها تبادلية بين المياه السطحية الدافئة ومياه العمق الأكثر برودة.
Page inconnue