198

أسفل هذا الوادي بئر تعرف ببئر طشاتة (1) بضم الطاء المهملة وتشديد الشين المعجمة بإزاء قبر يعرف هذا الموضع به فصار القبر علما له وهو لرجل من العرب ثم من ذباب ثم من بني عيسى منهم واسمه شهران (2) بن عيسى بن عامر بن جابر بن فائد ابن رافع بن ذباب وكان هذا الرجل ذا رئاسة في قومه وصيت بعيد واشتهر بالكرم فلم يذكر منه في وقته غيره وفيه يقول شاعر العرب :

حمى الأرض شهران بن عيسى بن عامر

وعرض الفتى أن ضيع المجد تالف

والأعراب الآن نزلوا هناك ولم يكن لهم زاد أقاموا على قبره فنادوه يا شهران بن عيسى أقر ضيافك فيذكرون أنهم لم يبيتوا قط دون عشاء أما بصيد يباح لهم أو فضالة (3) يلقونها أو بغير ذلك قال وهذا الأمر حدثنا به جماعة منهم وهو مشابه لما يذكره المؤرخون على حاتم الطائي أنهم كانا ينزلون بقبره فيقريهم وفي ذلك يقول الشاعر يمدح عدي ابن حاتم :

أبوك أبو سباقة (4) الخير لم يزل

لدن شب حتى شاب في الخير راغبا

وحكى أبو عبيدة قال نزل أبو الخيبري في نفر من قومه بقبر حاتم فجعل يناديه يا أبا عدي أقر ضيافك وقال له أصحابه كيف تنادي رمة بالية فقال أن طيئا تزعم انه لم ينزل به أحد قط إلا قراه فناموا فانتبه أبو الخيبري مذعورا ينادي واراحلتاه

Page 215