184

Le Voyage d'Ibn Jubayr - Partie 1

رحلة ابن جبير - الجزء1

Maison d'édition

دار بيروت للطباعة والنشر

Numéro d'édition

الأولى

Lieu d'édition

بيروت

من البلد وهذا النهر كاسمه فرات هو من اعذب المياه واخفها وهو نهر كبيرزخار تصعد فيه السفن وتنحدر.
والطريق من الحلة إلى بغداد أحسن طريق وأجملها في بسائط من الأرض وعمائر تتصل بها القرى يمينا وشمالا ويشق هذه البسائط اغصان من ماء الفرات تتسرب بها وتسقيها فمحرثها الأحد لاتساعه وانفساحه فللعين في هذه الطريق مسرح انشراح وللنفس مزاد انبساط وانفساح والأمن فيها متصل بحمد الله ﷾.
شهر صفر سنة ثمانين١ عرفنا الله يمنه وبركته
هلاله على الكمال من ليلة الإثنين بموافقة الرابع عشر من مايه استهل هلاله ونحن على شط الفرات بظاهر مدينة الحلة.
وفي ضحوة يوم الإثنين المذكور رحلنا وأجزنا جسرا على نهر يسمى النيل وهو فرع متشعب من الفرات وكان عليه ازدحام غرق كثير من الناس والدواب في الماء فتنحينا مريحين إلى أن انفرج ذلك المزدحم وعبرنا على سلامة وعافية والحمد لله.
ومن مدينة الحلة يتسلسل الحاج أرسالا وأفواجا أفواجا: فمنهم المتقدم والمتوسط والمتأخر لا يعرج المتسعجيل على المتعذر ولا المتقدم على المتأخر فحيثما شاءوا من طريقهم نزلوا واراحوا واستراحوا وسكنت نفوسهم من روعة نقر الكوس٢ الذي كانت الأفئدة ترجف له بدارا للرحيل واستعجالا للقيام فربما كان لنائم منهم يهذي بنقر الكوس فيقوم عجلا وجلا ثم يتحقق إنه من اضغاث احلامه فيعودالى منامه.

١ ثمانين أي ٥٨٠ هـ ١١٨٤م.
٢ الكوس: نوع من الطبل.

1 / 190