Le livre de l'apostasie
كتاب الردة
Chercheur
يحيى الجبوري
Maison d'édition
دار الغرب الإسلامي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Lieu d'édition
بيروت
فَقَالَ عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ: لا يَتَوَلَّى هَذَا الأَمْرَ أَحَدٌ سِوَاكَ أَنْتَ أَفْضَلُ الْمُهَاجِرِينَ، وَثَانِيَ اثْنَيْنِ فِي الْغَارِ، وَخَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﵌ عَلَى الصَّلاةِ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يَتَقَدَّمُكَ وَيَتَوَلَّى هَذَا الأَمْرَ عَلَيْكَ، ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى نُبَايِعَكَ. فَقَالَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ الأَنْصَارِيُّ: وَاللَّهِ مَا يُبَايِعُهُ أَحَدٌ قَبْلِي، ثُمَّ تَقَدَّمَ بَشِيرٌ فَصَفَّقَ عَلَى يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ بِالْبَيْعَةِ، فَقَالَ لَهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: يَا بَشِيرُ، مَا الَّذِي أَحْوَجَكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ، أَنَفِسْتَ عَلَى ابْنِ عَمِّكَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا، فَقَالَ بَشِيرٌ: لا وَاللَّهِ وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أُنَازِعَ قَوْمًا حَقًّا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ دُونِي، قَالَ: فَضَرَبَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ يَدَهُ إِلَى سَيْفِهِ فَاسْتَلَّهُ مِنْ غِمْدِهِ وَهَمَّ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا، فَبَادَرَتْ إِلَيْهِ الأَنْصَارُ فَأَخَذُوا بِيَدِهِ وَسَكَّنُوهُ، فَقَالَ: أَتُسَكِّنُونِي وَقَدْ فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ، أَمَا وَاللَّهِ وَكَأَنِّي بِأَبْنَائِكُمْ وَقَدْ وَقَفُوا عَلَى أَبْوَابِهِمْ يَسْأَلُونَ النَّاسَ الْمَاءَ فَلا يُسْقَوْنَ، قَالَ:
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁: وَمَتَى تَخَافُ ذَلِكَ يَا حُبَابُ، فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَخَافُ مِنْكَ، وَلَكِنْ أَخَافُ مَنْ يَأْتِي مِنْ بَعْدِكَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَرَأَيْتَ مَا لا تُحِبُّ فَالأَمْرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِلَيْكَ. فَقَالَ الحباب: هيهات يا أبابكر، مِنْ أَيْنَ يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا مَضَيْتُ أَنَا وَأَنْتَ وَجَاءَنَا قَوْمٌ مِنْ بَعْدُ، يَسُومُونَ أَبْنَاءَنَا سُوءَ الْعَذَابِ؟ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. قَالَ: وَتَتَابَعَ الأَنْصَارُ بِالْبَيْعَةِ لأَبِي بَكْرٍ ﵁، وَانْكَسَرَتِ الْخَزْرَجُ خَاصَّةً، لِمَا كَانُوا عَزَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِهِمْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَأَنْشَأَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ [١] يَقُولُ:
(مِنَ الْكَامِلِ)
١- رُدِّي الْمُشَطَّبَ فِي الْقِرَابِ نَوَارُ ... تَرَكَ اللَّجَاجَ وَبَايَعَ الأَنْصَارُ
٢- قَوْمٌ هُمُ نَصَرُوا الرَّسُولَ مُحَمَّدًا ... وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ به كفّار
[١] الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، صحابي، وهو أخو أبي جهل، كان شريفا في الجاهلية والإسلام، شهد بدرا مع المشركين فانهزم فعيّره حسان بن ثابت بأبيات فاعتذر بأبيات هي أحسن ما قيل في الاعتذار من الفرار، وشهد أحدا مشركا، أسلم يوم فتح مكة وخرج في أيام عمر بأهله وماله من مكة إلى الشام، فلم يزل مجاهدا بالشام إلى أن مات في طاعون عمواس سنة ١٨ هـ-. (الإصابة ١/ ٦٠٥، الاستيعاب ١/ ٣٠٧، ابن عساكر ٤/ ٥ ثمار القلوب ١/ ٩٧) .
1 / 42