132

============================================================

ومع ذلك فإن المسوف للتوبة لن يعرى من ثلاث خلال: أن يقطعه الموت عن الأجل الذي أجله للتوبة، أو يبلغ إلى الأجل الذي أجله للتوبة ، فيبقى مقيما على معصية ربه جل وعز، فقد جمع غدرا وخلفا، وكذبا لربه فيما وعده وأعطاه وفي معصيته التي كان عليها مقيما، فوعد ربه إن بلغه ذلك الأجل ليتوبن إليه، فبلغه فلم قلع عن ذنبه، فازداد غدرا وخلفا لما وعد ربه جل وعلا، لأنه وعد ربه إن بلغ الوقت الذي أجل توبته إليه لينزعن عن ذنبه إليه ولا يعود إلى ما كره الله ل وأخلف الوعد وأصر على الذنب.

والخلة الثالثة: أن يبلغ إلى الوقت الذي سوف إليه التوبة ، فيمن عليه بالتوبة فيتوب إلى مولاه عز وجل، فهذا خير أحواله فلن ينفك وإن تاب إلى ربه من ضرر التسويف، إذ لا نجاة له من الله عز وجل، أن يقفه ويسأله عن ذنبه وإصراره عليه أيام تسويفه، وإن لقيه تائبا مغفورا له فلا بد أن يسأله عن تلك الأيام التي كان فيها مذنبا مصرا، إلى أن بلغ وقت التوبة الذي سوف التوبة إليه، فكأنه عبدا قيل له : تب إلى الله عز وجل، واترك المعاصي، فقال : أنت تائب لا محالة وتارك لذاتي ، إلا أني مقيم على الذنب إلى وقت كذا وكذا ، ليكون أيام تأخيري للتوبة إلى ذلك الوقت علي فيه المسألة والتوقيف من الله عز وجل ، فهذا مثله : أن لو قال هذا ما كان إلا كمعناه في تأخير التوبة، لأنه إن كانت نفسه قد سخت صادقةا بترك لذاتها إذا جاء الأجل الذي أجله للتوبة ، فكيف لا يدع لذته من الآن فلا يكون عليه السؤال في أيام تأجيل التوبة، إذا هو تارك للذة عاجلا أو آجلا الا منغص على نفسه لذته، فتركها بزوال السؤال عنه أولى من تركها باكتساب السؤالا فإذا كان تاركا لذته لا محالة، فليربح زوال السؤال عنه من الله عز وجل آيام الإصرار ، فليوبخ نفسه على ذلك إن كان الأمر على ما ذكرت.

وكيف له بهذه الحال، أخاف أن يكون أحد الحالين الآخرين أغلب عليه فأحد الأحوال الثلاثة لايقيم معها عامل على التسويف، إذا وبخ نفسه عليها بما ذكرت لك من سؤال الله عز وجل، إياه عن أيام الاصرار ، فكيف إذا خاف ال الحالين الآخرين، فهذه الأحوال ما يقيم معها عاقل على الإصرار إذ خافها، فاذا 132

Page 131