قال: ومن أسلف سلفا من دنانير أو دراهم على أن يوفها ببلد آخر، فلا يحل ذلك إلا أن تكون المنفعة في ذلك للمستسلف، والطليبة منه له لم يسأل ذلك المسلف ولا المنفعة فيه له، فلا بأس به، وقد أجازه مالك وغيره من أهل العلم، وليس يشبه ذلك الطعام؛ لأن الطعام له حملان والدنانير والدراهم لا حملان لها، فلو أن رجلا أسلف رجلا طعاما، على أن يوفيه إياه في موضع غير الموضع الذي أسلفه فيه، سأل ذلك المسلف أو المستسلف لم يحل ذلك، وإن كانت المنفعة في ذلك للمستسلف دون المسلف، وقد سئل عن ذلك عمر بن الخطاب فنهى عنه، وقال: فأين الحمل؟ يعني: حملانه قال: ولقد سئل مالك عن الرجل، تكون له المزرعة في منزل الرجل، ويكون لذلك الرجل مزرعته في منزل هذا، فيرفع كل واحد منهما طعامه في مزرعته، ثم يريد أن ينقله إلى منزله، فيقول هذا لهذا، لم نعنى بانتقال طعامنا هذا، خذ طعامي هذا الذي في منزلك بكيل، وآخذ طعامك الذي في منزلي بذلك الكيل، فتكافأ مؤنة حمله، فكره ذلك مالك ونهى عنه، وقال: هذا بيع الطعام بالطعام ليس يدا بيد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((البر بالبر ربا إلا هاء وهاء)).
قال عبد الملك: فاجتمع أهل العلم على أنه لا يحل شرط قضاء السلف في الطعام وغيره، بغير الموضع الذي به السلف، وأجازوا كلهم إذا لم يقع الشرط، أن يقضيه ذلك حيث أحب من البلدان والمواضع، إذا لم يكن ذلك شرط بينهما.
Page 113