قال: وأحب لمن أسلف دنانير أو دراهم أن يسلفها بمعيار من الوزن، يتقاضى به سلفه إذا أجل دينه، فذلك أصح وأبرأ من الشبهة، لأنه إذا أسلف عددا بغير معيار، ووزن الدنانير والدراهم مختلف؛ فمنهما الناقصة، ومنها الوازنة، إن أخذ أوزن من دنانيره ودراهمه، فقد ازداد في سلفه وأخذ أكثر من حقه، وإن أخذ أنقص من دراهمه أو دنانيره، أخذ أقل من حقه، فأصح ذلك أن يسلفها بمعيار من الوزن، يأخذ ثم لا يبالي من دخل فيه من وازن أو ناقص أو فضة مقسورة، أو جاءت أكثر عددا من دراهمه أو أقل، كل ذلك جائز، لأن المعيار واحد، وقد حدثني أصبغ بن الفرج عن وهب بن عبيد الله عن ابن المسيب أن إبراهيم بن أسد حدثه: "أنه رأى عبد الله بن عمر استسلف دراهم فوزنها بمعيار، ثم قال لنافع احفظ هذا المعيار، حتى تقضي صاحبها به، فلما قضاه به نقصت الدراهم من العدد الأول قال الرجل: إن هذه أنقص من عدد دراهمي، فقال له ابن عمر: إني أعطيتك بوزن دراهمك سواء، فمن عمل بغير هذا أثم".
قال: ومن أسلف سلفا من دنانير أو دراهم أو فلوس، أو باع بيعا بثمن من دنانير أو دراهم أو فلوس، ثم خالف سكة ذلك كله، وجاءت سكة أخرى، وصارت الأولى غير جائزة، فليس له في الوجهين جميعا إلا السكة الأولى التي أسلف، والتي عليها باع يومئذ، وكذلك من أسلف طعاما، أو إداما بكيل أو وزن، أو سلف في طعام بكيل أو وزن كان يومئذ جاريا، فزيد بعد ذلك في ذلك الكيل أو الوزن أو نقص، فليس له في الأمرين جميعا أن يقضي إلا بالكيل الأول، أو الوزن الأول على وفائه أو نقصانه.
Page 111