قال عبد الملك: ولا تجوز المراطلة وبيع شيء من الأشياء، مثل أن يقول رجل لرجل: راطلني بذهبك ذهبي، أو ورقك بورقي على أن أبيعك ثوبي بكذا وكذا، أو قال على أن تبيعني ثوبك بكذا وكذا، يشترط ذلك مع المراطلة، فلا يحل ذلك؛ لأنه يدخله الفضل بين الورقين، والفضل بين الذهبين، ويصير ذلك الفضل بيع من باع منهما صاحبه، أو اشترى من اشترى منهما من صاحبه، ولولا المراطلة لم يكن من ذلك شيء، فكأن أحدهما قال لصاحبه: راطلني ولك درهم خارج من المراطلة، فخرج ذلك من سنة المراطلة، وصار ذلك إلى بيع الورق بالورق، وليس مثلا بمثل، وإلى بيع الذهب بالذهب ليس مثلا بمثل، وهو باب من أبواب الربا.
واعلم أن كل ما لا يجوز من الطعام إلا مثلا بمثل يجري مجرى هذا، فإنه لا يجوز أن يكون معه بيع شيء من الأشياء، وسأفسره لك في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال: ومن باع من رجل بيعا بألف درهم، فلما تقاضاه الألف قال ليس عندي إلا أنقص. [لا يجوز بجواز الوازنة] فخذها مني مراطلة؛ تضع ألفا وازنة في كفة الميزان، وأضع الناقص الذي عندي في الكفة الأخرى، فإذا اعتدل الميزان فخذها، فذلك لا يحل، وكذلك لو أراد أن يعطيه فضة مكسورة وزن ألف درهم، لم يحل ذلك، وهو باب من أبواب الربا، لأن الألف الذي باعه بها ليس وزن معروف يتقاضا عليه؛ لأنه إنما باعه بالألف دراهما عددا، ووزن العدد مختلف، فهو الآن يبيعه ألفا بألف أكثر منها عددا أو أكثر وزنا، فذلك الربا ولكن لو باعه بيعا بألف درهم كيلا بالجديدة، جاز له أن يقضيه بالجديدة ما شاء من فضة مكسورة، أو دراهم نقصا أكثر عددا من الألف، لأنه قد اشترط وزنا معروفا يحاط بمعرفته وبمبلغه.
قال: فجرى السلف في هذا مجرى البيع فيما فسرت لك، إذا أسلف ألف درهم عددا، فلا يجوز له أن يتقاضى مراطلة بوزن ألف وازنة، وإذا أسلفه إياها كيلا بالجديدة، فلا بأس بما أخذ منه في الكيل من فضة مكسورة، أو دراهم مضروبة أقل عددا من الألف أو أكثر.
Page 68