Révélation du Noble Coran et sa Préservation à l'Époque du Prophète
نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
Maison d'édition
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
Genres
عليه وسلم: إن الله ﵎ يقول ذلك، وما فعل ذلك إلا لمخالطة القرآن قلبه وحبه الكبير لكلام الله تعالى وللآيات التي نزلت على نبينا محمد ﷺ، فعن أنس بن مالك ﵁ قال كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الْأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ (آل عمران:٩٢) قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ ﵎ يَقُولُ: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ "بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ" فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ ١.
ولم يكتف الصحابي الجليل أبو طلحة ﵁ وأرضاه بالنفقة في سبيل الله بل إنه تحرك بقلبه وعواطفه ونفسه عندما سمع قوله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ (التوبة: ٤١) فنذر نفسه لخدمة الأمة الإسلامية من طريق الجهاد، ويروي لنا أنس ﵁ ذلك فيقول أن أبا طلحة قرأ سورة براءة فأتى على هذه الآية (انفروا خفافًا وثقالًا)، فقال: ألا أرى ربي يستنفرني شابًا وشيخًا، جهزوني، فقال له بنوه: قد غزوتَ مع رسول الله صلى الله عليه
١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب الزكاة على الأقارب ٢٩٠ ١٤٦١.
1 / 74