بحث في حديث قيس بن عمرو في قضاء سنة الفجر بعد الفريضة - ضمن «آثار المعلمي»
بحث في حديث قيس بن عمرو في قضاء سنة الفجر بعد الفريضة - ضمن «آثار المعلمي»
Chercheur
محمد عزير شمس
Maison d'édition
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٤ هـ
Genres
الرسالة الخامسة
بحث في حديث قيس بن عمرو
"صلاة ركعتي الفجر بعد الفرض"
16 / 135
[ق ٨] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه وبركاته على محمد وآله.
أما بعد، فهذا بحث في حديث قيس بن عمرو، التمسه مني بعض الإخوان.
قال الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٤٤٧) (^١): ثنا ابن نمير ثنا سعد بن سعيد حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس بن عمرو قال: رأى النبي ﵌ رجلًا يُصلِّي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله ﵌: "أصلاةَ الصبحِ مرتينِ؟ " فقال الرجل: إني لم أكن صلَّيتُ الركعتينِ اللتين قبلهما، فصليتهما الآن، قال: فسكت رسول الله ﵌.
وأخرجه ابن ماجه (^٢): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الله بن نمير ثنا سعد بن سعيد ... فذكره. وكذلك هو في "مصنَّف" (^٣) أبي بكر بن أبي شيبة.
وأخرجه أبو داود (^٤): ثنا عثمان بن أبي شيبة، نا ابن نمير ... فذكره،
_________
(^١) رقم (٢٣٧٦٠).
(^٢) رقم (١١٥٤).
(^٣) (٢/ ٢٥٤).
(^٤) رقم (١٢٦٧).
16 / 137
وفيه: "صلاة الصبح ركعتان" بدل قوله في رواية أحمد وأبي بكر: "أصلاة الصبح مرتين".
وأخرجه الشافعي في "الأم" (١/ ١٣١) (^١) أنا سفيان بن عيينة عن ابن قيس عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جده قيس قال: رآني رسول الله ﵌ وأنا أصلي ركعتين بعد الصبح، فقال: "ما هاتان الركعتان يا قيس؟ " فقلت: لم أكن صليتُ ركعتي الفجر، فسكت عنه النبي ﵌.
وكذلك أخرجه البيهقي في "السنن" (١/ ٤٥٦) من طريق الشافعي والحميدي كلاهما عن ابن عيينة، إلا أن في رواية الحميدي: ثنا سفيان ثنا سعد بن سعيد بن قيس عن محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس جد سعد.
قال البيهقي: زاد الحميدي في حديثه: قال سفيان: وكان عطاء بن أبي رباح يروي هذا الحديث عن سعد.
قوله في "مصنف" ابن أبي شيبة (^٢): ثنا هشيم قال أخبرنا عبد الملك عن عطاء أن رجلًا صلَّى مع النبي ﵇ صلاة الصبح ... فقال النبي: "ما هاتان الركعتان؟ " فقال ...، فضحك رسول الله ﵌ فلم يأمره ولم ينهه.
ثنا هشيم قال أخبرنا شيخ يقال له مِسْمع بن ثابت قال: رأيتُ عطاءً فعل مثل ذلك.
وأخرجه الترمذي (^٣): ثنا محمد بن عمرو السواق البلخي ثنا
_________
(^١) (١٠/ ١٠١) ضمن "اختلاف الحديث" ط. دار الوفاء.
(^٢) (٢/ ٢٥٤).
(^٣) رقم (٤٢٢).
16 / 138
عبد العزيز بن محمد عن سعد بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن جدّه قيس قال: خرج رسول الله ﵌، فأقيمت الصلاة، فصليتُ معه الصبح، ثم انصرف النبي ﵌ فوجدني أصلِّي، قال: "مهلًا يا قيس! أصلاتانِ معًا؟ " قلت: يا رسول الله، إني لم أكن ركعتُ ركعتي الفجر، قال: "فلا إذًا".
قال الترمذي: ... وإسناد هذا الحديث ليس بمتصل، محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس.
وقال أبو داود: روى عبد ربه ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث مرسلًا أن جدَّهم صلَّى مع النبي ﵌.
أقول: رواية عبد ربه عند أحمد في "المسند" (٥/ ٤٤٧) (^١): ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج قال: وسمعت عبد الله (كذا) بن سعيد أخا يحيى بن سعيد يحدث عن جده قال: خرج إلى الصبح ... فمرَّ به النبي ﵌، فقال: "ما هذه الصلاة؟ "، فأخبره فسكت النبي ﵌، ومضى ولم يقل شيئًا.
وذكره البيهقي في "السنن" (١/ ٤٨٧) عن الحاكم عن الأصمّ عن الربيع بن سليمان عن أسد بن موسى عن الليث عن يحيى بن سعيد عن أبيه عن جده أنه جاء والنبي ﵌ يصلِّي صلاة الفجر، فصلَّى معه، فلما سلَّم قام فصلَّى ركعتي الفجر، فقال له النبي ﵌: "ما هاتان الركعتان؟ " فقال: ...، فسكتَ ولم يقل شيئًا.
وفي ترجمة قيس من "الإصابة" (^٢) أن ابن مندة ذكر رواية أسد ثم قال:
_________
(^١) رقم (٢٣٧٦١).
(^٢) (٩/ ١٣٧) ط. التركي.
16 / 139
غريب، تفرَّد به أسد موصولًا، وقال غيره: عن الليث عن يحيى أن جدّه (في النسخة: حديثه (^١» مرسل".
أقول: سعد بن سعيد ليس بالحافظ عندهم (^٢)، وقد اختلفت الألفاظ في موضعين كما ترى:
أما الأول: ففي رواية ابن نمير عنه "أصلاة الصبح مرتين؟ "، هكذا رواه أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة عن ابن نمير، وفي رواية عثمان بن أبي شيبة "صلاة الصبح ركعتان"، وهي قريب من التي قبلها، فإن خالفتْها فأحمد وأبو بكر أثبتُ، وفي رواية سفيان بن عيينة عن سعد "ما هاتان الركعتان؟ "، ويوافقها ما في مرسل عبد ربه: "ما هذه الصلاة؟ "، وفي مرسل يحيى، وأسنده أسد: "ما هاتان الركعتان؟ "، وفي رواية الدراوردي عن سعد: "مهلًا يا قيس! أصلاتان معًا؟ ". والدراوردي ليس بالحافظ؛ إلا أن هذا اللفظ يقرب في المعنى من لفظ ابن نمير.
[ق ٨ ب] وأما الموضع الثاني: ففي عامة الروايات: "فسكت النبي ﵌ "، وفي رواية الدراوردي عن سعد وحدها: "فقال: فلا إذًا".
فأما الموضع الأول ففيه احتمالان:
الأول: أن ترجَّح رواية ابن عيينة لجلالته وقِدَم سِنِّه وسماعه، وذلك مظنة أن سماعه من سعد أقدم من سماع غيره، وإذا اختلفتْ رواية رجلٍ فالرواية التي ذكرها قبل تقدمه في السنّ أولى؛ لأن العادة أن الرجل كلما
_________
(^١) كذا في المطبوعة.
(^٢) انظر "تهذيب التهذيب" (٣/ ٤٧٠).
16 / 140
تقدَّم في العمر ضعف حفظه. ولموافقتها ــ أعني رواية ابن عيينة عن سعد ــ لمرسل عطاء، والظاهر أنه إنما سمعه من سعد كما تقدم عن ابن عيينة، ولرواية عبد ربه ويحيى أخوي سعد، وهما أجلُّ من سعد، ولاسيما يحيى، فإن ابن عيينة عَدَّه في محدثي الحجاز الذين يجيئون بالحديث على وجهه.
وعلى هذا، فالظاهر أن النبي ﵌ إنما سأل عن تينك الركعتين خشيةَ أن تكونا مما لا يجوز صلاته في ذلك الوقت، فلما ذكر الرجل أنهما ركعتا الفجر لم يُصلِّهما قبل الفريضة فقد أدركهما حينئذٍ سكت النبي ﵌، فدلَّ سكوتُه على الجواز، كما فهمه عطاء والشافعي وغيرهما.
الاحتمال الثاني: أن يقال: لا منافاة بين قوله: "ما هاتان الركعتان؟ " وبين قوله: "أصلاة الصبح مرتين؟ "، فلعله ﵌ جمع بين اللفظين.
فأما قوله: "أصلاتان معًا؟ " فهو محتمل لأن تكون بمعنى: "أصلاة الصبح مرتين؟ ".
وأما ما في رواية الدراوردي: "صلاة الصبح ركعتان" فهو قريب من ذلك، مع أن الدراوردي ليس بالحافظ.
وعلى هذا الاحتمال فيكون قد قال ﵌: "أصلاة الصبح مرتين؟ " وهذا يحتمل وجهين:
الأول: إبقاؤه على ظاهره، وذلك أن النبي ﵌ يعلم أن راتبة الصبح محلها قبلها، والغالب أداؤها كذلك، فلما رأى الرجل صلَّى بعد الصبح ركعتين جوَّز أن يكون إنما أعاد الصبح، فأنكر عليه ذلك، فلما أخبره بأنه لم يُصلِّ الصبح مرة أخرى، وإنما تداركَ الراتبة، سكت عنه.
16 / 141
الوجه الثاني: أن يحمل على نحو ما وقع في حديث عبد الله بن سَرْجَس في "صحيح مسلم" (^١) وغيره أن رجلًا دخل المسجد والنبي ﵌ في صلاة الصبح، فصلى ركعتين وحده، ثم دخل مع الجماعة فصلى، قال: فلما سلَّم رسول الله ﵌ قال: "يا فلان! بأيِّ الصلاتينِ اعتددتَ؟ أبصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا؟ ".
فلم يكن صلاة الرجل وحدَه مَظِنةَ أنه قصد بها الفرض، ولكن النبي ﵌ نزَّلها منزلتَها، كناية عن أن ذلك الوقت إنما تصلح فيه الفريضة، كما صرّح به في الحديث الآخر: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاةَ إلا المكتوبةُ".
فيحمل قوله في حديث قيس: "أصلاة الصبح مرتين" على نحو هذا، بأن يقال: لم يكن هناك مظنة لإعادة الرجل صلاةَ الصبح بعد أن صلاها مع النبي ﵌، وإنما نُزِّلتْ منزلةَ ذلك كنايةً عن أن الوقت إنما تصلح فيه الفريضة؛ لأنه وقت كراهة.
أقول: وينبغي تدبر هذا الموضع، فإن فيه دقةً، فاعلم أن قوله ﵌ للذي صلَّى بعد إقامة الصبح: "بأيِّ صلاتَيْك اعتددت؟ " يتضمن إنكارينِ:
الأول: إنكار اشتغاله بصلاة غير المكتوبة، وقد أقيمت المكتوبة. وكنى عن هذا الإنكار بتنزيل صلاته وحده منزلة الفريضة، فكأنه قال: هذا الوقت ــ أي وقت إقامة المكتوبة ــ لا تصلح فيه إلا المكتوبة، فلعلك أردتَ بصلاتك أن تكون هي المكتوبة، وهذا كما تقول لمسلم تعلم أنه مفطر في نهار رمضان بغير عذر، وقد سمعته يشتم إنسانًا: لا ينبغي للصائم أن يشتم
_________
(^١) رقم (٧١٢).
16 / 142
الناس، تُنزِّله منزلةَ الصائم توبيخًا له؛ لأنه كذلك ينبغي له أن يكون.
الإنكار الثاني: مبني على الأول، أي لا ينبغي أن يحضر الرجل الجماعةَ، فيصلِّي تلك الصلاةَ وحده، ثم يصلِّيها مع الجماعة.
فأما قوله ﵌ للذي صلى بعد الفراغ من الصبح: "أصلاة الصبح مرتين؟ " فإنه إنما يظهر منه الإنكار الثاني، وأما الأول فلا، وذلك أن الأول مبني على أن الوقت يصلح للصبح، ولا يصلح لغيرها، وهذا واضح في الصلاة بعد الإقامة، بخلاف الصلاة بعد الفراغ من الصبح، لأنك إن أردت الصلاحية في مثل تلك الحال، فالوقت في مثل تلك الحال غير صالح للصبح، لأن الرجل قد أدَّاها في جماعة في المسجد، فلم يبقَ الوقتُ صالحًا [ق ٩ أ] لأن يعيدها وحده.
وإن أردت الصلاحية في الجملة فهي ثابتة لها، ولراتبتها؛ لأنه بين طلوع الفجر وطلوع الشمس الوقتُ صالح لراتبة الصبح وفريضتها.
فعلى كلا الحالين لا يصح أن يقال: إن ذاك الوقت إنما يصلح للفريضة، فتدبرْ، وأَنْعمِ النظر!
فعلى الاحتمال الثاني يتعين الوجه الأول، وهو الموافق للظاهر، فيكون في الحديث النهي عن أن تُصلَّى الصبحُ مرتين.
على أنه لو صح الوجه الثاني لوجب استثناء راتبة الصبح بدليل آخر الحديث.
وأما الموضع الثاني: فلا ريب في مخالفة رواية الدراوردي لسائر الروايات؛ لأن عامة الروايات تتفق على أن النبي ﵌ سكت ولم يقل شيئًا،
16 / 143
والدراوردي يقول: "فقال: فلا إذًا".
وهَبْ أن رواية الدراوردي صحت، فهي موافقة في الحكم لراوية الجماعة، وذلك أننا إذا قلنا في الموضع الأول بالاحتمال الأول، وهو أن النبي ﵌ إنما سأله عن تلك الصلاة خشيةَ أن يكون مما لا يجوز في ذلك الوقت، فأخبره الرجل بأنها راتبة الفجر تداركَها، فسواءٌ أسكتَ النبي ﵌ أم قال: "فلا إذًا"؛ لأن سكوته دلَّ على أنه تبين أنها مما يجوز، إذ لو كانت مما لا يجوز لبيَّن له ذلك، وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز.
فإن قيل: اكتفى ببيانٍ سابقٍ بالنهي عن الصلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس.
قلنا: اعتذار الرجل يدلُّ أنه لم يبلغه ذلك، أو لم يفهم منه النهي عن تدارك راتبة الفجر، فكيف يسكت النبي ﵌ عن أن يبيِّن له في وقت حاجته اكتفاءً ببيانٍ لم يحصل له؟ مع أن السكوت مُوهِمٌ للجواز، كما لا يخفى.
وإن صح قوله: "فلا إذَنْ" فهو أوضح من السكوت؛ لأن هذه العبارة معناها في العربية: "فإذا كان كذلك فلا"، فمؤدَّاها هنا: "فإذا كانت صلاتك إنما هي راتبة الصبح تداركتَها فلا".
والمنفي بـ "لا" هو ما دل عليه قوله: "ما هذه الصلاة؟ " من أن من الصلاة ما هو ممنوع في ذلك الوقت، فكأنه قال: "فلا منْعَ".
ونظير هذا ما في "الصحيحين" (^١) أنهم أخبروا النبي ﵌ قبيلَ طواف الوادع أن صفية حاضت، فقال: "أحابِستُنا هي؟ " قالوا: إنها قد أفاضت. قال:
_________
(^١) البخاري (١٧٥٧) ومسلم (١٢١١/ ٣٨٤) من حديث عائشة.
16 / 144
"فلا إذنْ"، أي إذا كانت قد أفاضت فليستْ بحابستنا.
ومثله ما في "صحيح مسلم" (^١) في حديث النعمان بن بشير لما نَحَلَه أبوه غلامًا، وجاء يُشهد النبي ﵌، فقال ﵌ لبشير: "أكلَّ بَنِيكَ قد نَحَلْتَ مثل ما نحلتَ النعمانَ؟ " قال: لا. قال: "فأَشْهِدْ على هذا غيري"، ثم قال: "أيسرُّكَ أن يكونوا إليك في البرِّ سواءً؟ " قال: بلى. قال: "فلا إذَنْ" أي فإذا كان كذلك بأن كان يسرُّك استواؤهم في البر، فلا يصح أن تُفضِّل بعضَهم على بعض في النحلة.
وحكى صاحب "فيض الباري" (^٢) من الحنفية عنهم أنهم قدَّروا: "فلا جوازَ إذنْ" قال: "إلا أنه لا يظهر فيه معنى الفاء ... ". ثم ذهب يُوجِّه ذلك، ويحاول أن يصير المعنى ما عبَّر عنه بلغة أردو بقوله: "بهر بهي نهين" أي "وأيضًا لا"، أو "ومع ذلك لا".
ولم أر فيما استشهد به ما تقوم به الحجة.
ومقصودي هنا الكلام على هذا الحديث لا على أصل المسألة، فإن للكلام فيها موضعًا آخر، حتى لو ثبت ما تقوم به الحجة على المنع من تدارك ركعتي الفجر بعد صلاتها وقبل طلوع الشمس، لكان الجواب عن حديث قيس أنه لم يثبت ثبوتًا تقوم به الحجة وحده، فأما دلالته فظاهرة، والله أعلم.
_________
(^١) رقم (١٦٢٣/ ١٧).
(^٢) هو الشيخ محمد أنور شاه الكشميري، وكلامه في "العرف الشذي" (١/ ٤٠٢، ٤٠٣).
16 / 145
نعم، أنبِّه على شيء واحدٍ، وهو أن صاحب "الفيض" ذكر ما وقع عن أبي داود (^١) في باب المسح على الخفين في حديث المغيرة في إدراك النبي ﵌ الناسَ وهم يصلُّون الصبحَ خلف عبد الرحمن بن عوف وقد صلَّوا ركعة، قال المغيرة: "قام النبي ﵌ فصلَّى الركعة التي سُبِقَ بها، ولم يَزِدْ على ذلك".
فحمل صاحب "الفيض" قولَه: "ولم يَزِدْ على ذلك" على أنه لم يتدارك ركعتي الفجر، لا ما ذكره أبو داود من نفي سجود السهو.
أقول: يحتمل في الواقعة أن النبي ﵌ صلَّى ركعتي الفجر راكبًا قبل أن يصلَ إلى الجماعة لأنه كان مسافرًا، بل هذا هو الظاهر.
وقوله: "ولم يَزِدْ شيئًا" يحتمل ما قال أبو داود، ويحتمل [ق ٩ ب] معنى ثالثًا، وهو أنه لم يزِدْ ركعة أخرى، والحامل على هذا أنه قد يُتوهَّم أن النبي ﵌ لا يعتدُّ بالركعة التي صلَّاها خلف عبد الرحمن. فتأمل! والله أعلم.
_________
(^١) رقم (١٥٢).
16 / 146