بحوث في قضايا فقهية معاصرة

Muhammad Taqi Usmani d. Unknown
66

بحوث في قضايا فقهية معاصرة

بحوث في قضايا فقهية معاصرة

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٢٤هـ - ٢٠٠٣ م

Genres

بيعًا للمعدوم، ولكن مثل هذا البيع جاز استحسانًا للعرف، أو التعامل، أو عموم البلوى، وهو موقف ابن نجيم في البحر الرائق والأشياء والنظائر كما ذكرناه من قبل. وأما ما يورد عليه من أنه يستلزم تصرف المشتري في الأشياء المأخوذة من غير ملك ولا بيع، فينبغي أن لا يجوز، فأجابوا عنه بأنه تصرف بإذن من المالك، فلا مانع من جوازه. وخرّج الآخرون صحة هذه المعاملة على أساس ضمان المتلفات لا على أساس البيع، فإن الثمن عند الأخذ مجهول، والمبيع عند التصفية معدوم، فلا يجوز البيع بحال، فكأن الآخذ أخذ الشيء قرضًا، واستهلكه، ثم ضمن قيمته على أساس ما اتفقا عليه عند التّصفية. ويستشكل هذا بأن القرض إنما يصح في المثليّات فقط، ولا يجوز اقتراض القيميّات عند الحنفية، مع أن الاستجرار ربما يجري في ذوات القيم. فأجابوا عنه بأن الاستجرار مستثنى من عدم جواز اقتراض القيميّات استحسانًا، كما أجيز الاقتراض في الخبز والخميرة، مع أنها من ذوات القيم. وهذه التخريجات كلّها ذكرها ابن عابدين رحمه الله تعالى في رد المحتار. والذي يظهر لهذا العبد الضعيف عفا الله عنه أن التخريج الأول هو الراجح، وهو أن هذه المعاملة تصح بيعًا عند تصفية الحساب إذا اتفقا الفريقان على الثمن الإجماليّ للمأخوذات. وأما الاستشكال بكونه بيع المعدوم، فالأحسن في جوابه أن يقال: إنه ليس بيعًا للمعدوم، بل هو بيع لما استهلكه المشتري، وانتفع به انتفاعًا تامًّا. وبيع المعدوم إنما يحرم من جهة أنه يتضمن الغرر، فربّما لا يقدر البائع على تسليمه إلى المشتري. ولا غرر ههنا، لأن البائع سلّم المبيع إلى المشتري فعلًا، فالمبيع كان موجودًا عند المشتري، وانتفع به المشتري حتى استهلكه، فيعتبر عند التصفية كالموجود تقديرًا، فيصح بيعه.

1 / 66