لحديثه فيما بعد عن غريب القرآن إذا صرح فيه بأن "أول من صنّف في ذلك من أهل اللغة أبو عبيدة معمر بن المثنى، قم قطرب بن المستنير، ثم الأخفش ... ". ولكن الحافظ أبا عبد الله الحاكم النيسابوري (٤٠٥ هـ) قال جازمًا: "فأول من صنّف الغريب في الإسلام النضر بن شميل له فيه كتاب، هو عندنا بلا سماع. ثم صنّف فيه أبو عبيد القاسم بن سلام" (١). نقل أبو عمرو ابن الصلاح (٦٤٣ هـ) قول الحاكم في مقدّمته، ثم عقّب عليه: "ومنهم من خالفه، فقال: أول من صنّف فيه أبو عبيدة معمر بن المثنى" (٢).
وقد أيّد شمس الدين السخاوي (٩٠٢ هـ) في فتح المغيث قول الحاكم، فقال: "وهو الظاهر"، واستدلّ بأن النضر بن شميل "مات في سنة ثلاث وثمانين ومائة" ثم أكدّ ذلك حينما نعى علي ابن الأثير (٦٠٦ هـ) والمحب الطبري (٦٩٤ هـ) ذهابهما إلى القول الثاني "مع أن وفاته - يعني أبا عبيدة - كانت في سنة عشر ومائتين بعد الأول - يعني النضر - بسبع وعشرين عامًا (٣).
ولا ريب أن ما قاله السخاوي وهم محض، فلا خلاف بين المؤرّخين أن النضر بن شميل توفّي سنة ٢٠٣ هـ وقيل سنة ٢٠٤ هـ (٤). ولا حقيقة لهذا القيل إلا أنه "مات في آخر يوم من ذي الحجة سنة ثلاث ومائتين، ودفن في أول