182

Refutation of Al-Darimi against Al-Marisi - Edited by Al-Shawami

نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي

Chercheur

أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي

Maison d'édition

المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م

Lieu d'édition

القاهرة - مصر

Genres

الَّتِي إِذَا بَانَتْ مِنَ المَوْصُوفِ وَاسْتَبَانَ مَكَانُهَا مِنْهُ؛ قَامَ البَائِنُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ فِي مَكَانٍ آخَرَ؛ لِأَنَّكَ تَرَى المُتَكَلِّمَ مِنَ النَّاسِ يَتَكَلَّمُ نَهَارَهُ أَجْمَعَ، وَكَلَامُهُ يَخْرُجُ مِنْهُ وَصْفًا لَا يَنْقُصُ مِنْ كَلَامِهِ شَيْءٌ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ، كَأَنَّهُ مَتَى شَاءَ عَادَ فِي مِثْلِهِ مِنَ الكَلَامِ، وَلَا الكَلَامُ يَقُومُ بِعَيْنِهِ جِسْمًا يُرَى وَيُنْظَرُ إِلَيْهِ دُونَهُ وَيَنْشُرُ كَلامَهُ فِي الآفَاقِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِهِ، فَيُنْسَبُ إِلَيْهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، كَمَا يُنْسَبُ اليَوْمَ أَشْعَارُ الشُّعَرَاءِ فَيُقَالُ: شِعْرُ لَبِيدٍ، والأَعْشَى، وَلَوْ قَطَعْتَ يَدَهُ لَاسْتَبَانَ مَوْضِعُ قَطْعِهِ مِنْهُ واسْتِبِانَ المَقْطُوعُ فِي مَكَانٍ آخَرَ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّ الكَلَامَ لَهُ حَالٌ خِلَافُ حَالِ هَذِهِ الصِّفَاتِ الأُخَرِ، لَا يُقَاسُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، وَلَا يُشَكُّ فِيهَا أَنَّهَا صِفَةُ المُتَكَلِّمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ خَرَجَ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: كَلَامُ اللهِ فِعْلُهُ، فَقَدْ صَرَّحْتَ بِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَادَّعَيْتَ أَنَّ أَفَاعِيلَ اللهِ زَائِلَةٌ عَنْهُ مَخْلُوقَةٌ، وَالكَلَامُ أَحَدُ أَفَاعِيلِهِ عِنْدَكَ، فَقُلْتَ فِيهِ قَوْلًا أَفْحَشَ مِمَّا قَالَ إِمَامُكَ المَرِيسِيُّ.
زَعَمَ المريسيُّ أَنَّهُ مَجْعُولٌ، وكُلُّ مَجْعُولٍ مَخْلُوقٌ، وَزَعَمْتَ أَنْتَ أَنَّهُ مَفْعُولٌ، وَكُلُّ مَخْلُوقٍ مَفْعُولٌ، وَأَنْتُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مِنْكُمَا الألفَاظُ فَإِنَّ المَعْنَى فِيهِ مِنْكُمَا مُتَّفِقٌ، كَمَا اتَّفَقَ القَوْلُ مِنْ إِمَامِكَ المَرِيسِيِّ مَعَ الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ المُشْرِكِ المَخْزُومِيِّ أَنْ قَالَ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)﴾ [المدثر: ٢٥]، وَكَذَا الَّذِي قَالَ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)﴾ [ص: ٧]، فَزَعَمَ إِمَامُكَ أَنَّهُ مَجْعُولٌ، وَزَعَمْتَ أَنَّهُ مَفْعُولٌ فَاتَّفَقَتِ المَعَانِي، وَاخْتَلَفَتِ الألفَاظُ مِنْكُمَا جَمِيعًا وَلَئِنْ كَانَ أَهْلُ الجَهْلِ مِنْ مُرَادِكُمْ فِي شكّ؛ إِن أَهْلَ العِلْمِ مِنْكُمْ لَعَلَى يَقِينٍ.
فَكَانَ مِنْ صُنْعِ اللهِ لِمَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْكَ أَنْ صَرَّحْتَ بِالمَخْلُوقِ بَعْدَ تَسَتُّرٍ وَانْقِبَاضٍ مِنْهُ، مَخَافَةَ الفَضِيحَةِ، حَتَّى صَرَّحْتَ بِهَا، فَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَذْهَبِكَ لِيَحْذَرُوا مِثْلَهَا مِنْ زَلَّاتِكَ، ويجتنبوا أَخَوَاتِهَا مِنْ سَقَطَاتِكَ، ثُمَّ صَرَّحْتَ بِهَا

1 / 184