أما بعد فَإِنَّهُ بعد أَن صرفت جلّ عمري ومعظم فكري فِي اقتباس الْفَوَائِد الشَّرْعِيَّة واقتناص الفرائد الأدبية عَن لى أَن أصرف إِلَى علم التَّارِيخ بعضه فأحوز بذلك سنة الْعلم وفرضه اقْتِدَاء بسيرة من مضى من كل عَالم مرتضى فَقل إِمَام من الْأَئِمَّة إِلَّا ويحكى عَنهُ من أَخْبَار من سلف فَوَائِد جمة مِنْهُم إمامنا أَبُو عبد الله الشَّافِعِي رضى الله عَنهُ قَالَ مُصعب الزبيرِي مَا رَأَيْت أحدا أعلم بأيام النَّاس من الشَّافِعِي ويروى عَنهُ أَنه قَامَ على تعلم أَيَّام النَّاس وَالْأَدب عشْرين سنة وَقَالَ مَا أردْت بذلك إِلَّا الِاسْتِعَانَة على الْفِقْه
قلت وَذَلِكَ عَظِيم الْفَائِدَة جليل العائدة وَفِي كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله ﷺ من أَخْبَار الْأُمَم السالفة وأنباء الْقُرُون الخالفة مَا فِيهِ عبر لذوى البصائر واستعداد ليَوْم تبلى السرائر قَالَ الله ﷿ وَهُوَ أصدق الْقَائِلين ﴿وَكُلًاّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أنباء الرسُل مَا نُثَبِّت بِهِ فُؤَادَك وَجَاءَكَ فِي هَذِه الْحق وموعظة وذكرى للْمُؤْمِنين﴾ وَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿وَلَقَدْ جَاءَهم من الأنْبَاء مَاِ فِيهِ مزدجر حِكْمَة بَالِغَة فَمَا تغن النّذر﴾
وَحدث النَّبِي ﷺ بِحَدِيث أم زرع وَغَيره مِمَّا جرى فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْأَيَّام الإسرائيلية وَحكى عجائب مَا رَآهُ لَيْلَة أسرِي بِهِ وعرج وَقَالَ (حدثوا عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج) وَفِي صَحِيح مُسلم عَن سماك بن
1 / 22