وقد علّمهم الرسول ﷺ كيف يواجهون الأمور التي لم يرد فيها نص، وذلك بالاجتهاد وتبادل الرأي بين أهل العلم والصلاح.
روى سعيد بن المسيب عن علي ﵁ قال: قلت يا رسول الله، الأمر ينزل بنا لم ينزل فيه قرآن، ولم تمض لك فيه سنّة؟
فقال ﷺ "اجمعوا له العالمين، أو قال: العابدين من المؤمنين فاجعلوه شورى بينكم، ولا تقضوا فيه برأي واحد" ١.
وقد طبق الصحابة ﵃ ما وجههم إليه الرسول ﷺ في كل شئونهم.
روى الدارمي والبيهقي عن ميمون بن مهران قال: "كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى به بينهم، وإن لم يجد في كتاب الله نظر: هل كانت من النبي ﷺ فيه سنّة؟ فإن علمها قضى بها، فإن لم يعلم، خرج فسأل المسلمين فقال: أتاني كذا وكذا ... فلم أجد في ذلك شيئًا، فهل تعلمون أن النبي ﷺ قضى في ذلك بقضاء؟
فربما قام إليه الرهط فقالوا: نعم، قضى بكذا وكذا، فيأخذ بقضاء رسول الله ﷺ ويقول عند ذلك: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا.
فإن أعياه ذلك دعا رءوس المسلمين وعلماءهم فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به"٢.
وكذلك كان يفعل عمر بن الخطاب ﵁ وكتابه إلى
_________
١ روى الطبراني مثله في الأوسط، انطر مجمع الزوائد "١/ ١٧٨".
٢ إعلام الموقعين "١/ ٨٤".
1 / 10