وبذلك تواكب الشريعة الإسلامية حركة الحياة في نموّها وازدهارها، من خلال وضع القواعد والضوابط التي تحقق مصالح العباد في العاجل والآجل.
ولذلك: كان من أهم الخصائص التي تميزت بها هذه الشريعة: أن أحكامها وتشريعاتها المختلفة قائمة على الحجة والدليل، ورد الأمور المتنازع فيها إلى الوحي الإلهي، المتمثل في القرآن والسنة، وما يلحق بهما عن طريق الاجتهاد من العلماء المؤهلين لذلك.
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ ١.
فالرد إلى الله -تعالى- هو الرجوع إلى القرآن الكريم، والرد إلى الرسول ﷺ يكون بالرجوع إليه ﷺ في حياته وإلى سنّته بعد مماته كذا قال عمرو بن ميمون٢.
وقال -تعالى- ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ......﴾ ٣.
والمراد بأولي الأمر -في هذه الآية- هم العلماء.
قال الشوكاني في تفسير قوله تعالي: ﴿لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ أي: يستخرجونه بتدبرهم وصحة عقولهم٤.
ومعنى ذلك: أن العلماء المجتهدين هم الذين يستطيعون أن يفتوا
_________
١ سورة النساء الآية: ٥٩.
٢ انظر: تفسير الطبري "٥/ ١٥١" والقرطبي "٥/ ٢٦١".
٣ سورة النساء من الآية: ٨٣.
٤ فتح القدير "١/ ٥٥٢".
1 / 8