Le jardin parfumé en expliquant la vie du Prophète
الروض الأنف في شرح السيرة النبوية
Maison d'édition
دار إحياء التراث العربي
Édition
الأولى
Année de publication
١٤١٢ هـ
Lieu d'édition
بيروت
Régions
•Maroc
Empires
Almoravides ou al-Murābiṭūn
فَصَرَخَ: يَا فَيْمِيُون! التّنّينُ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَك، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ حَتّى فَرَغَ مِنْهَا وَأَمْسَى، فَانْصَرَفَ، وَعَرَفَ أَنّهُ قَدْ عُرِفَ، وَعَرَفَ صَالِحٌ أَنّهُ قَدْ رَأَى مَكَانَهُ. فَقَالَ لَهُ: يَا فَيْمِيُون! تَعْلَمُ وَاَللهِ أَنّي مَا أَحْبَبْت شَيْئًا قَطّ حُبّكَ، وَقَدْ أَرَدْت صُحْبَتَك، وَالْكَيْنُونَةَ مَعَك حَيْثُ كُنْت، فَقَالَ: مَا شِئْتَ.
أَمْرِي كَمَا تَرَى، فَإِنْ عَلِمْتَ أَنّك تَقْوَى عَلَيْهِ فَنَعَمْ، فَلَزِمَهُ صَالِحٌ، وَقَدْ كَادَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ يَفْطِنُونَ لِشَأْنِهِ، وَكَانَ إذَا فَاجَأَهُ الْعَبْدُ بِهِ الضّرّ دَعَا لَهُ فَشُفِيَ، وَإِذَا دُعِي إلَى أَحَدٍ بِهِ ضُرّ لَمْ يَأْتِهِ، وَكَانَ لِرَجُلِ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ ابْنٌ ضَرِيرٌ، فَسَأَلَ عَنْ شَأْنِ فَيْمِيُون، فَقِيلَ لَهُ: إنّهُ لَا يَأْتِي أَحَدًا دَعَاهُ، وَلَكِنّهُ رَجُلٌ يَعْمَلُ لِلنّاسِ الْبُنْيَانَ بِالْأَجْرِ فَعَمَدَ الرّجُلُ إلَى ابْنِهِ ذَلِكَ، فَوَضَعَهُ فِي حُجْرَتِهِ، وَأَلْقَى عَلَيْهِ ثَوْبًا، ثم جاءه فقال له:
ــ
الصّبِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ «١»، فَتَبَيّنَ مِنْ هَذَا أَنّ الصّبِيّ كَانَ مَجْنُونًا لِقَوْلِهِ: دَخَلَ عَلَيْهِ عَدُوّك، يَعْنِي: الشّيْطَانَ، وَلَيْسَ هَذَا فِي حَدِيثِ ابن إسحق.
وذكر ابن إسحق فِي الرّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْ مُحَمّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرظِيّ، وَعَنْ بَعْضِ أَهْلِ نَجْرَانَ، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ خَبَرِ فَيُمْؤُنّ، قَالَ: وَلَمْ يُسَمّوهُ لِي بِالِاسْمِ الّذِي سَمّاهُ ابْنُ مُنَبّهٍ. قَالَ الْمُؤَلّفُ ﵀: يَحْتَمِلُ أَنّهُمْ سَمّوْهُ: يَحْيَى، وَهُوَ الِاسْمُ الّذِي تَقَدّمَ ذِكْرُهُ، وَمَا قَالَهُ النّقّاشُ وَالْقُتَبِيّ.
وَفِيهِ ذِكْرُ قَرْيَةِ نَجْرَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَنَجْرَانُ اسْمُ رَجُلٍ كَانَ أَوّلَ مَنْ نَزَلَهَا، فَسُمّيَتْ بِهِ، وَهُوَ نَجْرَانُ بْنُ زَيْدِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ. قَالَهُ البكرى «٢» .
(١) فى ص ١٢٠ ج ٢ الطبرى كما ذكر السهيلى تماما.
(٢) فى القاموس مثله وفيه زيدان بدلا من زيد، وكذلك فى جمهرة ابن حزم: زيدان
1 / 193