لخص كِتَابه من أشعار أَكْثَرهَا مَوْضُوعَة، ولخلص نَفسه من مطْعن جارح يسجله عَلَيْهِ الْآخرُونَ على مر السنين.
وَلَا بُد من الْإِشَارَة إِلَى أَمر هام فِي حَيَاة ابْن إِسْحَاق، وَهُوَ أَنه لم يتَخَلَّف عَنهُ فِي الرِّوَايَة كثير من الثِّقَات وَالْأَئِمَّة، فقد أخرج لَهُ الإِمَام مُسلم فِي المتابعات، وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ فِي مَوَاضِع، وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة.
وَقد رُوِيَ هُوَ عَن أَبِيه وَعَن الزُّهْرِيّ وَخلق غَيرهم، وروى أَيْضا عَن شَيْخه يحيى الْأنْصَارِيّ، عبد الله بن عون، وَشعْبَة وسُفْيَان الثَّوْريّ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة.
وختامًا نقُول عَن سيرته: إِن أصدق قَول قيل فِيهِ هُوَ قَول ابْن عبد الله بن نمير، حَيْثُ قَالَ عَنهُ: فقد روى فِي السِّيرَة عَن المجهولين مَا لَا يحترمه الصدْق، ورى أَيْضا مَا ينفح بِطيب الْحق، وَقد بَقِي فِيهَا مَا لَا يَصح، رغم قيام ابْن هِشَام بتهذيبها، وَهُوَ الَّذِي يَقُول عَن ابْن إِسْحَاق فِي مُقَدّمَة كِتَابه من أَنه سيترك مِمَّا ذكر ابْن إِسْحَاق "أشعارًا ذكرهَا وَلم أر أحدا من أهل الْعلم بالشعر يعرفهَا، وَأَشْيَاء بَعْضهَا يشنع الحَدِيث بِهِ، وَبَعض يسوء بعض النَّاس ذكره، وَبَعض لم يقر لنا البكائي بروايته، ومستقص - إِن شَاءَ الله -، سوى ذَلِك مِنْهُ بمبلغ الرِّوَايَة لَهُ وَالْعلم بِهِ".
رحم الله محدثنا ابْن إِسْحَاق شيخ رجال السِّيرَة وجزاه الله عَنَّا وَعَن الْمُسلمين كل خير، وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين.
1 / 14