أهلها كتابًا (١): هذا ما أعطاه عتبة بن فرقد عامل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أهل أذربيجان، سهلها وجبلها وحواشيها وشعابها وأهل مللها كلهم، على الأمان على أنفسهم وأموالهم وشرائعهم على أن يؤدوا الجزية على قدر طاقتهم، ليس ذلك على صبي ولا امرأة ولا زمن ليس في يديه من الدنيا شيء ولا متعبد متخل ليس في يديه من الدنيا شيء، لهم ذلك ولمن سكن معهم، وعليهم قرى المسلم من جنود المسلمين يومًا وليلة ودلالته، ومن حشر منهم في سنة رفع عنه جزاء تلك السنة، ومن أقام فله مثل ما لمن أقام في ذلك ومن خرج فله الأمان حتى يرجع إلى حرزه.
ثم غزا الوليد بن عقبة ﵁ أذربيجان وأرمينية في السنة التي بويع فيها عثمان ﵁، وقيل سنة خمس وعشرين بعدها، وقيل سنة ست، فصالحهم على ثلاثمائة ألف درهم وعلى التي صالح عليها حذيفة بن اليمان أيام عمر ﵄.
وفي سنة سبع عشرة وستمائة نزل الططر على أذربيجان وهو إقليم جليل آهل المدن خصيب الضياع كثير الخيرات فداراهم سلطانه ابن البهلوان عن مدينة المراغة ومدينة توريز (٢) بعدما فتكوا فيما مروا عليه (٣) وهذه المدينة هي المراغة، وسيأتي لها ذكر في حرف الميم إن شاء الله.
أذاخر (٤)
ثنية بين مكة والمدينة، وفي الخبر أن رسول الله ﷺ دخل من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة.
أذرح (٥)
بحاء مهملة على وزن أذرع، مدينة في أداني الشام وقيل بفلسطين، وبها بايع الحسن بن علي معاوية ﵃ وأعطاه معاوية مائتي ألف دينار، ولما انفصل علي بن عبد الله بن العباس ﵃ إلى الشام اعتزل أذرح ونزل الحميمة وبنى بها قصرًا لأن أذرح افتتحت صلحًا على عهد رسول الله ﷺ وهي من بلاد الصلح التي كانت تؤدي الجزية وكذلك دومة الجندل والبحران وهجر، وفي الصحيح (٦): " أمامكم حوضي كما بين جرباء إلى أذرح ".
الأردن
بضم أوله، نهر بالشام وهو نهر طبرية عليه مدن، وكل من على جنبيه أردني، وكان ملك داود ﵇ في الأردن وفلسطين، وكان عسكره ستين ألفًا أصحاب درق وسيوف وفي سير ابن إسحاق (٧) أن أبا جهل قال للذين بيتوا رسول الله ﷺ للفتك به وهم على بابه: إن محمدًا يزعم أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها، وخرج عليهم رسول الله ﷺ فأخذ حفنة من تراب في يده، ثم قال: " نعم أنا أقول ذلك، أنت أحدهم "، وأخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رؤوسهم، إلى آخر الخبر.
وفي حديث مكحول (٨): لما فتحت جزيرة العرب قال رجل عند ذلك: أبهوا الخيل والسلاح فقد وضعت الحرب أوزارها، فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فرد قوله وقال: " لا تزالون تقاتلون الكفار حتى يقاتل بقاياكم الدجال بقطر الأردن (٩)، أنتم من غربيه والدجال من شرقيه " قال الراوي: ما كنت أدري ما الأردن حتى سمعته من رسول الله ﷺ.
وقالوا: احتاج الوليد بن عبد الملك إلى رصاص حين بنى مسجد دمشق فقيل له: إن بالأردن منارة فيها رصاص فبعث إليها، فذهب رجل يضرب بمعوله فأصاب رجلًا فسال دمه فقيل: هذا طالوت.
وكان أهل الأردن قد رفضوا (١٠) بيعة ابن الزبير ﵄.
_________
(١) الطبري ١: ٢٦٦٢ (حوادث سنة: ٢٢) .
(٢) يعني تبريز.
(٣) ابن الأثير ١٢: ٣٤٧ وصاحب أذربيجان هو أوزبك بن بهلوان، قال: فلم يخرج إليهم ولا حدث نفسه بقتالهم لاتشغاله بما هو بصدده من أدمان الشرب ليلًا ونهارًا لا يفيق، وإنما أرسل إليهم وصالحهم على مال وثياب ودواب ... الخ.
(٤) معجم ما استعجم ١: ١٢٨، وأوجر المؤلف كثيرًا.
(٥) معجم ما استعجم: ١٣٠.
(٦) شرح النووي على صحيح مسلم ١٥: ٦١.
(٧) سير ابن هشام ١: ٤٨٣.
(٨) معجم ما استعجم ١: ١٣٧.
(٩) معجم البكري: ببطن.
(١٠) ص ع: توقعوا.
1 / 21