وهم خافضون في ظل عال ... مشرف يحسر العيون ويخسي
حلل لم تكن كأطلال سعدى ... في قفار من المهامه ملس
ومساع لولا المحاباة مني ... لم تطقها مسعاة عنس وعبس
لو تراه علمت أن الليالي ... جعلت فيه مأتمًا بعد عرس
وهو ينبيك عن عجائب قوم ... لا يشاب البيان فيهم بلبس
فإذا ما رأيت صورة انطاكي ... ة ارتعت بين رومٍ وفرس
والمنايا مواثل وأنوشروان يزجي ... الصفوف تحت الدرفس
في اخضرار من اللباس على أخ؟ ... ضر يختال في صبيغة ورس
وعراك الرجال بين يديه ... في خفوت منهم واغماض جرس
من مشيح يهوي بعامل رمح ... ومليح من السنان بترس
تصف العين أنهم جد أحيا ... ء لهم بينهم إشارة خرس
يغتلي فيهم ارتيابي حتى ... تتقراهم يداي بلمس
أبيار (١)
بفتح أوله، قرية من كور البلاد المصرية منها أبو الحسن علي بن إسماعيل الصنهاجي الفقيه شارح " البرهان ".
الأبلق الفرد
هو حصن السموأل بن عاديا، قالوا: إذا خرجت من المدينة وأنت تريد تيماء فتنزل الصهباء ثم تنزل كذا ثم تنزل العين ثم كذا ثم تسير ثلاث ليال في الجناب ثم تترل تيماء وهي لطيء (٢) . وبتيماء حصن الأبلق الفرد الذي كان ينزله السموأل، والعرب تضرب المثل بهذا الأبلق الفرد في الحصانة والمنعة فتقول: تمرد مارد وعز الأبلق (٣) . وزعموا أنه من بنيان سليمان ﵇.
وكان الحارث بن أبي شمر الغساني بلغه أن امرأ القيس أودع سلاحًا وكراعًا عند السموأل فبعث إليه رجلًا من أهل بيته يقال له الحارث بن مالك فلما دنا من حصنه أغلق بابه وسأله ما الذي جاء به؟ فقال له الحارث: جئتك لتدفع إلي كراع امرئ القيس، فأبى عليه، وكان للسموأل خارج الحصن ابن يقتنص يومه فلما رجع قال له الحارث: إن لم تعطني ما سألتك قتلت ابنك هذا، فقال: لا سبيل إلى ذلك فاصنع ما أنت صانع، فقتل ابنه، فضربت به العرب المثل في الوفاء وقالت: أوفى من السموأل، وفي ذلك يقول أعشى قيس (٤):
كن كالسموأل إذ طاف الهمام به ... في جحفل كهزيع الليل جرار
بالأبلق الفرد من تيماء منزله ... حصن حصين وجار غير غدار
خيره خطتي خسف فقال له ... مهما تقولن فإني سامع دار
فقال ثكل وغدر أنت بينهما ... فاختر وما فيهما حظ لمختار
فشك غير طويل ثم قال له ... اقتل أسيرك إني مانع جاري
أباغ (٥)
عين أباغ في طرف أرض العراق مما يلي الشام فيها أوقع الحارث الغساني وهو يدين لقيصر بالمنذر بن المنذر وبعرب العراق وهم يدينون لكسرى وقتل المنذر يومئذ. وقال الرياشي: عين أباغ بين بغداد والرقة وأنشد:
بعين أباغ قاسمنا المنايا ... فكان قسيمها خير القسيم وبعين أباغ مات صالح بن علي بن عبد الله بن العباس عم أبي جعفر المنصور وهو يريد الشام، وروي أن صالحًا هذا ظفر ببشر بن عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك فقال: انه قد كان من بلاء أبي هذا عندنا وإحسانه إلينا ما يوجب حفظه، فقال له بشر: فلينفعني هذا عند الأمير اليوم، فقال: أما قتلك فلا بد منه لكتاب أمير المؤمنين إلي بذلك وأنه لا سبيل إلى مخالفته، ولكني أقدم الذي سعى بك فأضرب عنقه بين يديك وأكافئ الذي آواك، ففعل ذاك.
_________
(١) ياقوت: (أبيار) وانظر ترجمة الأبياري في الديباج: ٢١٣ وكانت وفاته سنة ٦١٦، والبرهان من مؤلفات الجويني.
(٢) معجم ما استعجم ١: ٣٢٩ والنص بتمامه: فتنزل الصهباء لأشجع ثم تنزل أشمذين لأشجع ثم تنزل العين ثم سلاح لبني عذرة ثم تسير ثلاث ليال في الجناب.. الخ.
(٣) فصل المقال: ١٣٠ - ١٣١ والميداني ١: ٨٤ والعسكري ١: ١٧٩.
(٤) ديوان الأعشى: ١٢٦.
(٥) معجم ما استعجم ١: ٩٥.
1 / 10