وقال بعضهم : إنما اعتزلناهم مخافة أن نقع فيما وقعوا فيه، وكي نحيي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما كذا أبيتم فلا حاجة لنا إليكم . فتبرأ الفريقان بعضهم من بعض (¬1) . وعمد الذين أرادوا منابذة القوم، فقالوا : لا بد لنا من مخالطتهم، وغرضهم أن يقتبسوا من مناظرتهم وحيلهم في جدالهم، فيرجعوا بها إليهم ويحاجوهم، فذهب بعضهم إلى المتكلمين، فكان آخر العهد بهم، وبعضهم إلى القدرية (¬2) ، فذهبوا بهم وبعضهم إلى حلقة حماد بن أبي حنيفة ، فتفرقوا على الحلق ، ومكثوا فيها برهة (¬3) . وذهب كل فريق بمن صار إليها وحصل عندها ، فاختلفوا آخر الأبد ولم يجتمع منهم أحد مع صاحبه إلا ما كان من أبي الحسن الأشعري (¬4) وهو الذي عقب وصار إمام الأشعرية ، ثم أبو بكر بن الطيب (¬5)
Page 85