المقتدرين عند الغضب، والسيول الداهمة عند الصّبب «١»، والدولة المقبلة في عنوان افتتاحها، وعصوف رياحها. قال هرمز بن سابور: نحن كالنار، من قاربها كثر عليه ضررها، ومن باعدها انتفع بها. وقيل: إن جالست الملوك فالزم الصمت، واستعمل الوقار، واحفظ الأسرار. أبو الفتح البستي قال:
إذا خدمت الملوك فالبس ... من التقوّي أشدّ ملبس
فادخل إذا ما دخلت أعمى ... واخرج إذا ما خرجت أخرس «٢»
قيل: حرمة مجلس الملك إذا غاب كحرمته إذا حضر. الأصمعيّ: قال لي الرشيد أوّل يوم دخلت عليه: يا عبد الملك لا تعلّمنا في ملا، ولا تسرع إلى تذكيرنا في خلا، واتركنا حتى نبتدئك بالسؤال، فإذا بلّغت الجواب فلا تزد، وإيّاك والبدار إلى تصديقنا، وإياك وإطالة الحديث، إلّا أن نستدعي ذلك، وإذا رأيتنا صارفين عن الحق فأرجعنا إليه برفق، بلا إضجار ولا تخطئة، وعلّمنا من العلم ما نحتاج إليه على المنابر وفاضل المخاطبات، ولا تكلمنا بغوامض الكلم وغرائب اللغة. وقيل: من استبدّ بتدبيره زلّ، ومن استخف بأميره ذلّ.
عن لقمان: إذا زادك الرئيس تقديما فزده إجلالا. عن أرسطو: من طلب خدمة السلطان بغير أدب خرج من السلامة إلى العطب. وكلام الملوك ملوك الكلام. عن بعض الأكابر: أرباب الدول ملهمون. عن النبي ﷺ: «من ولي على عشرة كان له عقل أربعين، ومن ولي على أربعين كان له عقل أربعمائة» .
قيل: مشاورة الملوك للاستظهار على الآراء، لا لتقليد الوزراء. يقال: الملك
1 / 60