المحاربة لا يقوم بنفسه بل يقوم تحت رايته، وإذا قام مقامه ابنه يجب أن يجلّ أجلّاء أبيه، لأن الحب والبغض يتوارثان، فلا يكادون يخلّون بينه وبين مكروه، ولا يقدّم أحداث القوم عليهم فتفسد عليه قلوبهم، وإذا جلس مكان العدوّ بالقهر لا يتركهم أمراء، لأنّ التعصب لا يخرج من قلوبهم، ولا يستبدّ برأيه، ويستشير في الأمور المشكلة كثيرا من أركان الدولة تحرّزا عن الخطأ. وينبغي أن يكون مبسوط اليد فإنّ الخلق لا تتبعه إلا لغرض دنيويّ، ولا يكون إنعامه مخصوصا بطائفة فإنّ الإمارة موقوفة على العسكر والفقراء والعلماء والبلغاء والشعراء وأهل الحرف. ويفوّض كلّ أمر إلى أهله وإلا فسدت قلوب المستحقّين عليه. فإنّ ألف ألف من الفصحاء لملك واحد لقليل، وعدوّا واحدا لكثير. وينبغي أن يكون له في كلّ سوق وقطر من يثق به من الناس، ليقف على ما هي عليه، ثم يطلعه عليه، فإنه كثيرا ما يقع في قلوب العامّة ما وقع وسيقع.
وأتي عمر بن عبد العزيز برجل، فقال: لولا أني غضبان لعاقبتك. وكان إذا أراد عقاب رجل حبسه ثلاثة أيام مخافة التعجيل في أوّل الغضب. عن بعض الحكماء: إيّاك وغرّة الغضب، فإنها تصيّرك إلى ذلّة الاعتذار. عليّ كرّم الله وجهه: حدّة المرء تهلكه. وعنه: حلم المرء عونه. وعنه: سوء الخلق وحشة الإخلاص. يقال: خرج «١» المال يؤتى بالتعويض والإخلاف، وأمّا النفوس فليس لإتلافهنّ تلاف. أردشير بابك: لا أستعمل السيف لمن عصى حيثما تكفي العصا، وما أتصدّى للعدوّ «٢» بالصّول والنصل إذا كان يؤثّر فيه القول الفصل.
قيل: الفكر المعقول أمضى من الباتر المصقول. قيل:
1 / 56