قال ذو النون المصري: إياك أن تطلب العلم بالجهل، قيل: كيف يطلب العلم بالجهل؟ قال: إذا قصدت العلم في غير وقته، وتخطّيت الرقاب، وتركت في طلبه حرمة الشيوخ، ولم تستعمل فيه السّكينة والوقار والأدب، فذلك طلب العلم بالجهل. قال أبو عبيدة: ما قرعت بابا على عالم قطّ. قال طاوس: ما حمل ماء العلم في مثل قرب «١» الحلم. قال وهب: إنّ للعلم طغيانا كطغيان المال. الحسن: لقيت قوما من أصحاب رسول الله ﷺ يقولون: من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح. قيل: العامل بغير علم كالسائر على غير الطريق، فاطلب العلم طلبا لا يضرّ بالعبادة، واطلب العبادة طلبا لا يضرّ بالعلم. قال عطاء بن أبي رباح: ما رأيت مجلسا أكرم من مجلس ابن عباس، إذ هو أكثر فقها وأعظم حفيّة: إن أصحاب القرآن عنده، وأصحاب الفقه عنده، وأصحاب الشعر عنده، ويصدّرهم كلّهم في واد واسع. ورأى ابن كثير قارىء مكة رسول الله ﷺ في المنام جالسا والناس يسألونه، فقال: إني كنزت تحت المنبر كنزا وقد أمرت مالكا أن يقسمه فيكم، فاذهبوا إلى مالك.
قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء، ولا فوق الأرض، أعلم بالحديث ولا أحفظ له من محمد بن إسماعيل البخاري. وكان يقال: حديث لا يرفعه محمد بن إسماعيل ليس بحديث. وقال البخاري: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح. قال: ما وضعت في كتاب «الصحيح» حديثا إلّا اغتسلت قبل ذلك وصلّيت ركعتين. كان ذلك بمكة شرّفها الله، والغسل بزمزم، والصلاة خلف مقام إبراهيم ﵇،
1 / 44