لأنَّ طريقَ الحقِّ أصلُهُ شيءٌ واحدٌ، ودينُ الإسلامِ العامُّ كما سبقَ وهو توحيدُ
اللَّهِ وطاعتُهُ، وطُرقُ الضلالةِ كثيرة متبوعة، وإنْ جمعَهَا الشركُ والمعصيةُ.
قولُهُ: "وعلى جَنْبتِي الصراط سُورانِ " ثم فسَّرها بحدودِ اللَّهِ.
والمُرادُ: أنَّ اللَّهَ تعالى حدَّ حدودًا، ونهى عن تعدِّيهَا، فمنْ تعدَاهَا فقدْ
ظلمَ نفسَهُ وخرجَ عن الصراطِ المستقيم الَّذي أُمِرَ بالثبوتِ عليهِ.
ولمَّا كانَ السورُ يمنعُ من وراءَهُ مِنْ تعدِّيه ومجاوزَتِهِ: سمَّى حدودَ اللَّهِ
سُورًا؛ لأنه يمنعُ منْ دخلَهُ من مجاوزتِهِ وتعدَي حدودِهِ.
قالَ اللَّهُ تعالى: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا)، وقال: (تِلكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) إلى قوله:
(وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مهِينٌ) .
وقال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، وقالَ: (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) .
وفي حديثِ أبي ثعلبةَ الخُشنيِّ، عنِ النبيِّ ﷺ:
"إنَّ اللَهَ فرضَ فرائضَ فلا تضيِّعُوها وحرَّمَ أشياءَ فلا تنتهِكُوها وحدَّ حدودًا فلا تعتدُوها".
فحدودُ اللَّه تطلقُ ويُرادُ بها غالبًا: ما أذِنَ فيه وأباحَ فمن تعدَّى هذه الحدودَ
فقدْ خرجَ ممَّا أحلَّه اللَّهُ إلى ما حرَّمهُ؛ فلهذا نُهِي عن تعدِّي حدودِ اللهِ، لأنَّ
تعديهَا بهذا المعنى محرَّمٌ.
ويُرادُ بها تارةً ما حرَّمَهُ اللَّهُ ونَهَى عنه.
1 / 81