للمصلِّين موافقتُهم في التأمينِ معهم، فالتأمينُ مما يستجابُ به الدعاء.
وفي "صحيح مسلمٍ " عن أبي موسى الأشعريِّ، عن النبيِّ ﷺ قالَ: "إذا قالَ الإمامُ: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) فقُولُوا: آمينَ، يُجِبكُم اللَّهُ ".
ولما كانَ المأمومُ مأمورًا بالإنصاتِ لقراءةِ الإمامِ، مأمورًا بالتأمينِ على دعائِهِ
عندَ فراغ الفاتحةِ، لم يكن عليه قراءةٌ؛ لأنَّه قد أنصتَ للقراءةِ، وآمَّنَ على
الدعاءِ فكأنَّهُ دعا؛ كما قالَ كثيرٌ منَ السلَفِ في قولِ اللَّهِ تعالَى لموسى
وهارونَ: (قَدْ أُجِيبَت دعوَتُكُمَا) .
قالُوا: كانَ موسى يدعُو، وهارونُ يُؤمِّنُ، فسمَّاهُما دَاعِيَيْنِ.
* * *
وقولُه ﷺ: "إذا سألتَ فاسألِ اللَهَ، وإذا استعنتَ، فاستعنْ باللَّهِ "، هذا منْتَزعٌ من قولِهِ تعالَى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، فإنَّ السؤالَ للهِ هو دعاؤه والرغبةُ
إليهِ، والدُّعاءُ هو العبادةُ، كذا رُويَ عنِ النَّبيِّ ﷺ من حديثِ النعمانِ بنِ بشيرٍ، وتلا قولَهُ تعالى: (وَقَالَ رَبُّكمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، خرَّجَهُ الإمامُ أحمدُ، وأبو داودَ، والترمذيُ، والنسائيُّ، وابنُ ماجةَ.
وخرَّج الترمذيُّ من حديثِ أنسِ بنِ مالك عنِ النبيِّ ﷺ: "الدعاءُ مُخُّ العبادة"، فتضمنَ هذا الكلامُ أن يُسألَ اللَّهُ ﷿، ولا يسألَ غيرُه،
1 / 70