وخطب عبدُ اللَّه بنُ مسعودٍ بعضَ الصحابةِ قائلًا: واللهِ لقد أخذتُ من
فيِّ رسولِ اللَّه ﵊ بضعًا وسبعينَ سورةً، واللَّه لقد علمَ
أصحابُ النبيِّ ﷺ أنِّي من أعلمِهِم بكتابِ اللَّهِ.
وما أنا بخيرِهِم.
ويقولُ شقيقُ بنُ سلمةَ الذي كان من حضورِ هذه الخطبةِ: فجلستُ في
الحلقِ، أسمعُ ما يقولونَ: فما سمعتُ رادًّا يقولُ غيرَ ذلك.
ويحكي إبراهيمُ عن علقمةَ أنهم كانوا بحمْص، فقرأ ابنُ مسعودٍ سورةَ
يوسفَ، فقالَ رجلٌ: ما هكذا أنزلتْ.
قال: قرأتُ على رسولِ اللَّه ﷺ فقالَ: "أحسنتَ "
ووجدَ منه ريحَ الخمرِ، فقال: أتجمعُ أن تكذبَ بكتابِ اللَّهِ وتشربَ
الخمرَ؟ فضربَهُ الحدَّ.
يقولُ عبدُ اللَّه بنُ مسعودٍ ﵁:
واللَّهِ الذي لا إله غيرُه ما أُنزلتْ سورةٌ منْ كتابِ اللَّه إلا أنا أعلمُ أينَ أُنزلتْ؛ ولا نزلتْ آيةٌ من كتابِ اللَّه إلا أنا أعلم فيم أنزلت؛ ولو أعلمُ أحدًا أعلمُ مِنِّي بكتابِ اللَّه تبلُغهُ الإبلُ لركبتُ إليه.
قال أبو سعيدٍ بن المعلَّى: إنَّه كانَ يصلِّي فدعاهُ النبيُّ ﷺ فلم يجبْهُ، قالَ: يا رسولَ اللَّه إنِّي كنتُ أصلِّي، قال: "ألم يَقُلِ اللَّهُ: (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسولِ إِذَا دَعَاكُمْ)؟ "
ثمَّ قال: "ألا أعلمُكَ أعظمَ سورة في القرآنِ، قبلَ أنْ تخرجَ
من المسجدِ" فأخذَ الرسولُ بيدِ ابنِ المعلَّى، فلمَّا أرادُوا الخروجَ
قال: يا رسولَ اللَّه، إنَّك قلتَ: لأعلمنَّك أعظمَ سورة من القرآنِ،
1 / 63