والجنُّ على أنْ يأتوا بمثلِ هذا القرآنِ لا يأتونَ بمثلِهِ ولعجزُوا عجْرًا أبديا.
وصرَّفه اللَّهُ للناسِ، صرَّف القرآنَ من كُلّ مثل. ولكنْ ما أنزلَهُ اللَّه ليشقى
أحدٌ من الناسِ، ويطلبُ ربُّ العزة من محمدِ ﷺ ألا يعْجلَ به من قبلِ أن يُقضى إليه وحيُه بإذنِه تعالى - جل شأنُه -.
ويقولُ الرسولُ: (يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقرْآنَ مَهْجُورًا) .
ويطمئنه اللَهُ فعلى محمدٍ ﷺ ألا يخافَ ولا يحزنَ فهم يقولونَ: (لولا نزل عليه القرآنُ جملةً واحدةً)؟ وهم لا يعرفونَ أن تلك الآياتِ حكيمةٌ من لدنْ حكيم عليم، وكلامُهُم غثاءٌ أحْوى.
القرآنُ الذي يقص على بني إسرائيل أكثرَ الذي هم في يختلفونَ دائمًا، ولقد أُمرتَ يا محمدُ أن تكونَ من المسلمينَ تاليًا للقرآنِ والذي فرضَهُ عليك لرادُّك إلى معادٍ.
في هذا القرآنِ ضربَ الله للناسِ كلَّ الأمثالِ لعلَّهم يتفكرونَ ويعقلونَ. والذين كفرَوا قالُوا: إنَّهم لن يؤمنوا بهذا القرآنَ ولا بالذي بين يديه، بئس قولُهم، فالقرآنُ حكيمٌ، ومحمدُ ابنُ عبدِ اللَّه لا ريبَ من المرسلينَ، ما علَّمه اللَّهُ الشعْرَ وما ينبغي له، إن هوَ إلا ذكرٌ وقرآنٌ مبين.
القرآنُ ذو الذكر ولكنَّ الذين كفروا في عزةٍ مزعومةٍ وشقاقٍ.
القرآنُ يسره اللَّه للذكرِ فهلْ من مدَّكرٍ، ولنذكر ثمودَ وقومَ لوطٍ وآل
فرعونَ إذ جاءهم النذرُ.
فالرحمنُ علَّم القرآنَ، فهو قرآنٌ كريمٌ في كتابٍ مكنونٍ لو أنزله اللَّهُ على
جبلٍ لرأيناه خاشعًا متصدِّعًا، أقبِلْ عليه يا محمدُ ورتِّلْه ترتيلًا.
واقرءوا في السرِ والجهرِ ما تيسرَ منه.
وهو قرآن مجيدٌ، في لوحِ محفوظٍ، قد نزله اللَّه تنزيلًا، ولكنْ ما عسَاهم لا يسجدونَ إذا قُرِئَ عليهم القرآنُ؛ إنه
1 / 56