والصدور، فلا يبقى منه في الصدور كلمة، ولا في المصاحف منه حرف. وقال سفيان بن عُيَيْنَة سمعت عمرو بن دينار يقول: أدركت مشايخنا والناس منذ سبعين سنة يقولون: "القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدا، وإليه يعود". رواه محمد بن جرير، وهِبَةُ الله بن الحسن الطبريان في كتاب "السُّنة" لهما.
وقد أدرك عمرو بن دينار أبا هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وغيرهم من أصحاب النبي ﷺ.
فهذا يدل على شهرة القول بذلك في زمن الصحابة الذين أدركهم عمرو بن دينار، وعلى شهرته عند التابعين، وأنهم كلهم على ذلك. وقال البخاري: حدثنا سفيان بن عيينة قال: أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة، منهم عمرو بن دينار يقولون: "القرآن كلام الله غير مخلوق". فعمرو بن دينار حكاه عن مشيخته، والناس، وسفيان حكاه -أيضا- عن مشيخته؛ فهذا صريح في الدلالة على اشتهار هذا القول في القرون التي أثنى عليها النبي ﷺ. وكلام أئمة الإسلام في ذلك أكثر من أن يمكن ذكره هنا، كأبي حنيفة ومالك، والأوزاعي والليث، والثوري والشافعي، وابن المبارك وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، والبخاري، وغيرهم من أئمة الحديث، وكلهم على ذلك مُجْمِعُون، ولكتاب ربهم وسنة نبيهم متبعون، وحكى غير واحد الإجماع على ذلك.
قال الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم سألت أبي، وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار حجازا، وعراقا، ومصرا، وشاما، ويمنا، فكان في مذاهبهم أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، والقرآن كلام الله، غير مخلوق بجميع جهاته، والقدر خيره وشره من الله، وأن الله
1 / 103