فصل أدلة كون كلام الله بصوت وحرف
وقد ذكرنا فيما تقدم أن مذهب أهل السنة أن الله يتكلم بحرف وصوت، فيصفون الله بالصوت، والصوت هو ما يتأتى سماعه، والقرآن والسنة يدلان على أن الله يتكلم بصوت، قال الله -تعالى-: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ﴾ ١ الآية، وقال -تعالى-: ﴿فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ ٢ إلى قوله: ﴿يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ٣، وقال -تعالى-: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾ ٤، وقال -تعالى-: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ ٥، وقال: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ ٦.
والنداء لا يكون إلا بصوت، فدل على أنه كلمه بصوت، وموسى لم يسمع إلا الحرف، والصوت هذا مما يُعلم بالاضطرار، وقال -تعالى-: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ ٧ ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ﴾ ٨ وقال: ﴿وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ﴾ ٩ الآية. والآيات في ذلك كثيرة.
وأما السنة، ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري ﵁ عن النبي ﷺ قال: "يقول الله يوم القيامة: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك. فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تبعث بعثا إلى النار. الحديث" ١٠.
وروى عبد الله بن أنيس ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يحشر الله الناس يوم القيامة -وأشار بيده إلى الشام- عُرَاةً غُرْلا بُهْما، قال: قلت: ما بهما؟ قال: ليس معهم شيء. فيناديهم بصوت يسمعه مَنْ بَعُدَ كما يسمعه مَنْ قَرُبَ: أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد
_________
١ سورة القصص آية: ٣٠.
٢ سورة النمل آية: ٨.
٣ سورة النمل آية: ٩.
٤ سورة طه آية: ١١.
٥ سورة الشعراء آية: ١٠.
٦ سورة مريم آية: ٥٢.
٧ سورة القصص آية: ٦٢.
٨ سورة القصص آية: ٦٥.
٩ سورة الأعراف آية: ٢٢.
١٠ أحمد (١/٣٨٨) .
1 / 111