============================================================
مثل المقصر منكم مثل رجل سار في جملة خلق كثير، وجم غفير طالبين بعض البلاد، فهجم عليهم الليل وهم في مسيرهم، فتزلوا بصحراء عظمى وبرية قفراء لا يعرفها فيهم غير الأدلاء، فنزلوا بساحاتها وحلوا بفنائها، فرقد الرجل في أول ليلة قليلا، وسهر بعد نومه طويلا مرتقب الصباح، ومنتظر الفجر إذا لاح، خوفأ ان ينقطع من رفقته وصحبته، فغاب عليه النوم فرقد، لما راى الليل قد طال عليه وبعد فلاح الصبح وهو راقد، وسار القوم وهو غير ساهد، فسار بهم الدليل، وابعدوا في الرحيل، فاستيقظ الرجل من نومه ورقدته، لا يدري أين اخذوا رفقته وصحبته، فبقي حيرانا لا يجد له أنيسا، ولا يسمع في لك البرية حسيسا، ولا يصيب له هناك رفيقا، ولا هاديا يدله على الطريق، فكيف يكون في تلك البرية حاله4 ، وقد تقطعت من اللحوق صحبته آماله؟
فاحذروا أيها الموحدون من غلبة الوسن، وارتقبوا ظهور الحق في كل عصر وزمان، ولا تركنوا إلى التقصير، بعد الطلب والتشمير، واجتنوا مرات الحكمة من شجرها وجناتها، وانهلوا ماء الحياة من عيونها وينبوعاتها، فإن حقائق الحكمة تكشف لكم عن مشكلاتها، وتفتح لكم اغخلاقها وأقفالها؛ فلا تكونوا كالذين قالوا: سمعنا ، وهم لا يسمعون و يقولون: آمنا، وأكثرهم مشركون.
ان الرسل قد وردت عليكم، والدعاة قد بعثت إليكم، وقد هبت اارياحه الرحمة من جميع آفاقها، وانتشرت سحب النعمة في جميع جهاتها، وهطلت أوابل الحكمة على جميع آقطارها، فاصاب غيثها
Page 720