توهمه الخصم وادعاه من سهولة هذا الزمان على صاحب الأمر عليه السلام وصعوبته على آبائه عليهم السلام فيما سلف، وقلة خوفه اليوم وكثرة خوف آبائه فيما سلف، وذلك أنه لم يكن أحد من آبائه عليهم السلام كلف القيام بالسيف مع ظهوره، ولا ألزم بترك التقية، ولا ألزم الدعاء إلى نفسه حسبما كلفه إمام زماننا، هذا بشرط ظهوره عليه السلام، وكان من مضى من آبائه صلوات الله عليهم قد أبيحوا التقية من أعدائهم، والمخالطة لهم، والحضور في مجالسهم وأذاعوا تحريم إشهار السيوف على أنفسهم، وخطر الدعوة إليها. وأشاروا إلى منتظر يكون في آخر الزمان منهم يكشف الله به الغمة، ويحيي ويهدي به الأمة، لا تسعه التقية، عند ظهوره ينادي باسمه في السماء الملائكة الكرام، ويدعوا إلى بيعته جبرئيل وميكائيل في الأنام، وتظهر قبله أمارات القيامة في الأرض والسماء، ويحيا عند ظهوره أموات، وتروع آيات قيامه ونهوضه بالأمر الأبصار.
فلما ظهر ذلك عن السلف الصالح من آبائه عليهم السلام، وتحقق ذلك عند سلطان كل زمان وملك كل أوان، وعلموا أنهم لا يتدينون بالقيام بالسيف، ولا يرون الدعاء إلى مثله على أحد من أهل الخلاف، وأن دينهم الذي يتقربون به إلى الله عز وجل التقية، وكف السيد، وحفظ اللسان، والتوفر على العبادات، والانقطاع إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحات، أمنوهم على أنفسهم مطمئنين بذلك إلى ما يدبرونه من شأنهم، ويحققونه من دياناتهم، وكفوا بذلك عن الظهور والانتشار، واستغنوا به عن التغيب والاستتار.
ولما كان إمام هذا الزمان عليه السلام هو المشار إليه بسل السيف من أول الدهر في تقادم الأيام المذكورة، والجهاد لأعداء الله عند ظهوره، ورفع التقية عن
Page 12