«مأواكم النار هي مولاكم» (1) أي هي أولى بكم واستشهد ببيت لبيد:
فغدت كلى القرحين [1] يحسب انه
مولى المخافة خلفها وامامها
وقول أبي عبيدة حجة في اللغة.
وهذا الأخطل يمدح عبد الملك بن مروان فيقول:
فأصبحت مولاها من الناس كلهم
وأحرى قريش ان تهاب وتمدحا [2]
اى أحق بالأمر منها وأصبحت سيدها.
وروى عن النبي (صلى الله عليه وآله): (أيما امرأة نكحت بغير اذن مولاها فنكاحها باطل).
وانما أراد بذلك من هو أحق بالعقد عليها.
وقد ذكرنا (4) عن أبي العباس المبرد انه قال: المولى الذي هو الاولى والأحق ومثله المولى، فجعل الثلاث عبارات بمعنى واحد.
ومن له أدنى معرفة بالعربية وكلام أهلها فإنه لا يخفى ذلك عليه على كل حال.
على ان من أصحابنا من قال ان هذه اللفظة لا تستعمل في موضع الا بمعنى الاولى وانما تفيد في شيء مخصوص بحسب ما يضاف اليه، وذكر ان ابن العم انما سمى مولى لانه يعقل عن بنى عمه ويحوز ميراثه ويكون بذلك اولى من غيره، وسمى الحليف [الجار- ظ] مولى لأنه أولى بصقبه من غيره لقول النبي (عليه السلام): (الجار أحق بصقبه) (5)، وسمي المعتق مولى لأنه أولى بميراث معتقه ويتضمن جريرته من غيره، وكذلك سمى المعتق مولى لأنه أولى بنصرة معتقه من غيره، فجميع أقسام المولى لا يخلو من ان يكون فيه معنى الاولى موجودا.
وإذا ثبت بذلك ان مولى يفيد الاولى فالذي يدل على انه مراد في الخبر دون غيره من الأقسام ما قدمناه من إتيانه بهذه الجملة بعد ان قدم جملة أخرى محتملة لها ولغيرها فلو لم يكن المراد بذلك ما قدمناه لكان ملغزا في الكلام ويجل [3] (عليه السلام) عن ذلك الا ترى ان القائل إذا أقبل على جماعة فقال لهم:
Page 135