فشكرها المحاربون وانصرفوا وهم يتحدثون عن ثيابها الجميلة، وأنها أصبحت ناعمة كزيت النخيل. وقال سوانتيبو وهو أصغر المحاربين الثلاثة: إنها تحتاج لمحارب مثلي لا تتعبه مراقدة الفتيات أبدا.
فرد عليه المحاربان الآخران بسرعة وفي آن واحد: ومن تظن أن مراقدة الفتيات تتعبه؟ •••
مسز جين الهزيلة دائما ما تكح في ألم، خاصة قبل طلوع الشمس حيث تنخفض درجة الحرارة وتعلو درجة رطوبة الجو. فلوباندو لا يتعبها جلب الأحطاب الجافة للمدفأة الحائطية، ولا تكل أو تمل من الإيفاء بطلبات مسز جين، في سرعة بالغة . في الحق كانت مسز جين لا تستطيع القيام بأي نشاط عضلي يتطلب مجهودا ولو قليلا، كأن تحرك منضدة الخشب الصغيرة الموضوعة أمام سريرها إلى النافذة، كأن تمشي إلى ما بعد شجرة المانجو الكبيرة عبر عشب النجيل المتوحش، كأن تقود السيارة الجيب إلى مسافة بعيدة، كانت فلوباندو قد تعلمت قيادة السيارة في الشهر الثاني لوصول الجين إلى الدغل، ولكنها لم تكن ماهرة في القيادة، لكن بمساعدة مستر أو مسز جين ... وتعرف الآن كيف تستعمل مقياس الزيت، كيف تستبدل الزيت، كيف تشحن بطارية الجيب الفارغة من التيار الكهربائي المتولد من الطاقة الشمسية، وتستطيع تغيير الإطارات وصيانتها ...
كانت فلوباندو سيدة خباثات مستر جين، بعد شهر واحد يبلغ الجين عامهم الثالث بالدغل، وتبلغ فلوباندو عامها الثاني عشر، وتشمخ بنيتها الجسدية لعمر يفوق الثامن عشر، فلوباندو الجميلة ذكية أيضا؛ لأنها تتحدث لغة البونا بطلاقة وكأنها لغتها الأم، وماريانا الشاحبة المصابة بداء التلوث الكيميائي المشع كانت ذات وجه مستدير شديد البياض وعينين كبيرتين خضراوين كعيني قط بري، هي وزوجها يتحدثان لغة «شاري» و«فترا» و«لالا» بلهجتيهما، «لالا» و«فترا»، وهما سكان الدغل الأوسط والشمالي، «لالا كيكي»، وهم سكان الشرق والغرب، علمتها ذلك فلوباندو. ويعرفان كثيرا من الطقوس وجمل الاحترام، ويحفظان سبعا وثلاثين حكمة عن حكيم وجد وعراب الدغليين برم بجيل.
ولدهشة الكواكيرو واستغرابه عندما جاء وفي صحبته نائبه وصديق العمر أبريا، وهو رجل طويل كثير الأسنان كالذئب، كبير العينين كالجاموس، كسولا كالخرتيت، ذكيا كالثعلب وكالشيطان. ومعهما في الصحبة ثلاثة من المحاربين، من بينهم الملقب بالشجاع برطانة ال «لالا»
، وهو رجل عجوز ذو تاريخ كبير في القبيلة، وكلمته لا تسقط على العشب كما يقولون أو تقولون.
أرسل أصغر المحاربين ليعلم مستر جين أن الكواكيرو في انتظاره، في ذات اللحظة التي ظهر فيها مستر جين بنفسه صائحا بصوت مرح: واوا تليب سيسوي، واوا تريب دن قوا بدو.
أنتم في بيتكم، أنتم في بيتكم الكبير ...
وهكذا كان يخاطب أعيان القبيلة، وهكذا يحترمون. ولأنهم قوم أحق بالاحترام تخطوا الدهشة وقفزوا على خيبة الانفعال الأولى وصاحوا معا: نووسا ما.
السحابة بيت الريح.
Page inconnue