عندما أشرفنا على خور السلاحف سمعنا نباح آلتهم، فزعنا في بادئ الأمر وتجافلنا كسرب الغزلان الذي فوجئ بالنمر، تجافلنا في كل صوب وجهة أيضا بعدما يتجمع السرب بعد مخافة، تجمعنا ضحكنا على بعضنا، تشجعنا ببعضنا ومضينا نحو البرص، سأكون صريحا وواضحا مع فلوباندو. قال لنفسه أيضا: أقول لها أنا أحب سنيلا البرصاء. وعندما استمعت لمقاله لم تندهش ولم يبد على وجهها أي انطباع يستطيع قراءته، عيناها عاديتان باردتان. عندما تفوهت قالت: كل الناس يشفقون عليها مثلك!
قال في انفعال ظاهر: لا، ليس شفقة، ولكني أحبها.
وصرخ هاتفا:
I Love Her! .
قالت ببرودة وهدوء: نعم كلنا نحبها، جميع القرية، وليس لها ذنب أن تصبح برصاء.
عرف بينه وبين نفسه أن الإشكالية هي إشكالية لغة وتواصل، ربما تعني كلمة حب عند فلوباندو الشفقة لا أكثر، هي ذات الإشكالية التي واجهت آل جين في الماضي عندما شاءت مسز جين أن تعلم فلوباندو اللغة الإنجليزية وشاءت أن تتعلم لغة «لالا»، كانت كلمة حب
LOVE
ليس لها ما يقابلها في لغة «لالا» غير كلمتين؛ الأولى: ممارسة الجنس «تر»، الثانية: الشفقة «نوشك»، فضلت مسز جين أن تختار المعنى الأخير لتقابل به كلمة حب «ميبظ»، وكانت كلمة «لالا» المقابلة هي «نوشك». إذن ما كان بإمكان سلطان تيه أن يجعل فلوباندو تفهم مقصده إلا إذا قال لها: أريد أن أضاجع سنيلا.
لكن هل يريد سلطان تيه حقا أن يفعل ذلك، ولو أن حبه لها يقود إلى ذلك؟ ألا يحتاج الأمر لشيء من التكتيك والدبلوماسية؟ بائس متشائم، يغسل على حجر بالشاطئ ملابسه الداخلية، كان محبطا، لا يدري كم مضى عليه وهو بالكهف، لا يدري كم تبقى له من سجن ولحم ذئب، تفوح منه رائحة الذئب، من جلده، من أنفاسه، عرقه وصنان إبطيه، بوله. توقفت فلوباندو عن زيارته، لا يدري سببا لذلك، كانت تؤنس وحدته بحديثها الذي لا ينقطع عن مستر ومسز جين، عن تاريخ الدغل، حروبه القديمة، أساطيره، نشأة سكانه، روابط الدم بينهم، قبائل الدغل الأخرى، خصومتها مع سكان الدغل الشرقي المتحضر، عن برم بجيل.
أهلي كثيرا ما يرسلونني مع المتسوقين إلى المدن المجاورة كمترجمة، سافرت كذلك إلى كل دول الجوار على حمير الوحش لتسويق الذهب أو شراء بعض الأبقار أو جلب البترول لعربة الجيب. إذن هل سافرت فلوباندو في رحلة طويلة إلى مكان ما؟
Page inconnue