L'homme qui ne peut pas être déplacé

Hitaïrus d. 1450 AH
27

L'homme qui ne peut pas être déplacé

الرجل الذي لا يمكن تحريكه

Genres

ثم أجابني صوت لم يكن صوت الرجل الواقف عند الباب، لكنه كان أقرب بكثير لدرجة أنه خيل لي أنه معنا بالغرفة. - اطرح الأسئلة الصحيحة رجاء، ههههههه (ضحك مستهزئا) ربما، دعني أفكر، ماذا عن: ما الذي تودونه مني؟ هذا سؤال جيد. وقبل أن أجيب، فاجأني صوت مدونة تسقط على الطاولة فاستدرت آليا إليها، ورفعت رأسي إلى رجل آخر ببذلة سوداء، يقف أمامي عند الطاولة يبتسم لي، كان صاحب الصوت، ثم أضاف قائلا: لن تود أن تطرح الأسئلة الخاطئة هنا. - ماذا عن ... (قاطعني يشير بيده لي.) - بعد تفكير، لن تطرح أيا من أسئلتك البشرية، فلا يهم ذلك الآن (ثم دخل رجل آخر من باب آخر، وباشر الحديث وكأنه كان معنا قبل هذه اللحظة).

ما يهم، أن تصغي مثلما أصغينا لك كل هذه السنوات.

التفت إليه بينما اقترب على بعد ما يقف وقفة أشبه بوقفة الآخرين، وقال لي: حسنا، لنقل ...

وانتقل الكلام على يساري فالتفت إلى رجل آخر لم يكن موجودا، يكمل كلام سابقه: لنقل أنك يجب أن تخبرنا بالحقيقة، الحقيقة المطلقة لا غير، لأنك تدرك جيدا مثلما ندرك أن الأمر خرج عن سيطرتك، وأنه يجب إصلاح بعض الأمور.

ما استطعت أن أجيب أحدا منهم، بل استمررت في صمتي أنظر إلى الجميع وهم يتكلمون إلي وكأنهم ذات واحدة، حتى جلس إلي آخر رجل ولج الغرفة من بابها الرابع، كان يشبه شخصا أعرفه، ربما كان يشبه أشخاصا أعرفهم، ربما لن أستطيع شرح كيف حدث ذلك بلغة أملكها، لكنه كان يشبه الجميع، يشبهني، يشبه جدي، يشبه والدتي، يشبه خبازا رأيته مرة واحدة قبل وفاتي، يشبه فتاة رأيتها تبكي أثناء محاولتي لفحصها، يشبه العجوز التي لم أبلغها يوما لأنقذها، يشبهك أنت من تقرأ هذه الكلمات، يشبه شخصا تكرهه، ويشبه أشخاصا تحبهم، هو يشبه جميع البشر، ورأيت وجوه جميع الناس بوجهه، ثم حدثني يخبرني عن حياتي، وتحدث بقية الرجال بتحدثه، وأخبروني بأمور كثيرة، وأخبروني أنني من فعل كل شيء. كنت قد أنكرت أنني فعلت كل ذلك وأن القدر هو ما حاك القصة، ضحكوا حينما أخبرتهم بذلك، استغربوا كيف لم ألاحظ أنني من فعلت كل شيء وأن القدر كان فقط يجسد اختياراتي فقط، وقال الذي استجوبني قبل أن يخبرني أن أتجه إلى الباب المزدوج: غريب؛ كيف تنكر أن تلك مسئوليتك (ابتسم يرفع أحد جوانب شفتيه إلى الأعلى)، تذكر أنك التقيت محمدا، الفتى العربي، في طفولتك، ابن متجول اسمه علي العلاوي، زوجه والدك بابنة أحد الشيوخ، وفعل ذلك بعد أن ترككم، ولو لم يترككم لما تزوج محمد. - اختار والدي أن يتركنا، لم أدفعه لفعل ذلك. - ههههه (ضحك)، ومن دفع والدتك لتنتحر، ربما أنا من لعب تلك اللعبة، لعبة دي لا بوت، هل تعتقد أن والدك كان ليترككم لو بقيت والدتك على قيد الحياة؟ أو إن هي لم تجن؟ (فكرت دون قول كلمة.)

محمد العلاوي، هههههه، كان ضحية اختياراتك، ككل الضحايا. (نظرت إليه في صمت.)

أنا محتار قليلا، هل علي أن أدعوك بسيدي الطبيب؟ آوه، ماذا عن لورد دي لا بوت، أو شارل، أو قابيل؟ ههههههه، لك أسماء عدة، ولا أعرف أي واحد تفضل. - أخبرني إن أنت انتهيت كي أتوجه إلى القاضي (بجدية تامة). - إذن أنت تعلم أنه يجب أن تتوجه إلى القاضي؟! (نظر إلى البقية.) (نظرت إلى الأوراق على الطاولة دون قول كلمة.) - اتجه إلى الرواق الرمادي مباشرة ستجد الباب المزدوج (ابتسم ثم توقف للحظات ويده على فمه ثم أضاف). لم أخبرك؟ أنت تعلم ذلك مسبقا.

اكتشفت أنه في اليوم الذي توفيت فيه تلك العجوز اتضحت كل القصة، كنت قد تعطلت يومها عن ركوب الحافلة الأولى بسبب المشرد، محمد العلاوي، وقبل تعطلي بمدة كافية كانت فتاة شابة تنزل من غرفتها، وفي يوم حار ، كانت تنزل إلى الطابق السفلي، إلا أن حرارة ذلك اليوم وأهواء تلك الفتاة الغريبة دفعتها إلى التفكير بارتداء قبعة، ربما شيء آخر دفعها إلى التأخر، بل حتى وضع مرهم للشمس أيضا، ربما تخيلت ذلك فقط، لكن الأهم أنه ما كان يجب أن تعود إلى غرفتها لتفعل ذلك، ما كان يجب أن تتأخر لأي سبب من الأسباب، المرهم، القبعة أو حتى خصام عائلي، لكنها فعلت، تأخرت تلك الفتاة العربية. هي وضعت وهي صغيرة عند مدخل منزل فرنسي، وضعها رجل من قرية بعيدة، رجل عربي، لذا من المؤكد أنها عربية، وكبرت بذلك المنزل، كبرت فرنسية، وعلمتها تلك العائلة ارتداء القبعات، علموها عادة ستتسبب في مقتلها، ما كان يجب أن تتأخر لترتدي القبعة، ولو أنها كبرت بمنزل عائلتها العربية، لما حدث ذلك، لما توفيت. كانت ابنة شريفة؛ ابنة العجوز التي لم أستطع إنقاذها؛ ابنة أخذت منها قبل زمن، لكن الفتاة لم تكبر رفقة والدتها؛ ولهذا صدمها سائق الحافلة، السائق الذي أخرج سيجارة ذلك اليوم، سيجارة أشبه بتلك التي جعلت قلبه يتوقف بعد زمن من قتل تلك الفتاة، في إحدى الحانات أصيب بسكتة قلبية حينما كان يلوم نفسه على قتل الفتاة، كان قد تعلم أن يخفي أحزانه خلف السجائر، وكانت تلك عادة سيئة، تعلمها بعد أن فقد كل شيء في غارة تعرض لها بالجنوب في إحدى رحلاته، وقبل ذلك كان قد التقى والدي وطلب منه رجلا يرافقه إلى الصحراء، وقد اختار والدي محمدا العلاوي، فقد كان ابن متجول مرموق، وقد علم من والده سر التجول، وقد شعر والدي أن محمدا يحتاج إلى رحلة إلى الجنوب؛ لذا نصح رفيقه بأخذ محمد معه، حتى أنه عرض عليه أن يتكلم معه شخصيا شرط أن يرافقهم إلى نصف الطريق، وقد أخذ سائق الحافلة معه محمدا العلاوي، ثم عاد إلى هنا بعد أن أنقذه هذا الأخير، عاد على ظهر ناقة باعها ليبدأ من جديد، عاد ليدخن السجائر، سجائر ستجعله يتأخر فيصدم تلك الفتاة، وعاد ليبدأ من جديد، عمل كسائق للحافلة، فكر أنه مجرد عمل مؤقت، ريثما يستعيد مكانته ليبدأ الرحلة من جديد، بحثا عن أسطورة والدي في الجنوب؛ والدي الذي انتظرهم في نصف الطريق بإحدى المزارع، انتظر طويلا حتى توفي، انتظر عودتهم بالأسطورة؛ الأسطورة التي فكر والدي أنها ستسترجع والدتي، لكن السائق لبث وقتا طويلا في هذا العمل، ثم مر زمن جعله يكره هذا العمل، واعتاد على السجائر لينسى ما يكره، كان يدخن سيجارة قبل أن يركب حافلته لهذا تأخر، ما كان يجب أن يتأخر وبمدة ستكفي تلك الفتاة لتلبس قبعتها، وتنزل إلى الشارع، تسير قليلا، وتقابله في لحظة ومكان اختيرا بدقة، كان قد التفت إلى رجل يبكي على الرصيف، كان قد التفت إلى والد سيلين وعلى بعد ما سيصدم ابنة العجوز؛ ابنة المربية؛ ابنة أخذت منها حينما غادرها محمد العلاوي للقيام بالرحلة؛ رحلة رفقة هذا السائق الذي سيقتل ابنة محمد ويتسبب في تأخري عن إنقاذ زوجته، ما كان على محمد أن يرافق السيد الفرنسي في رحلته تلك، ما كان عليه أن يرافق والدي إلى القرية، ما كان ليتزوج هناك، ثم إنه كانت لتكون تلك القافلة بخير، كانت لتصل إلى وجهتها، ما كان يجب أن يكون محمد هناك ليسهر رفقة السيد الفرنسي، بل توجب على الجنديين أن يبيتا حول نار المراقبة، أن يريا تلك النيران التي رآها محمد، أن يخبرا السيد الفرنسي، كان ليجد حلا، أن تغادر القافلة المكان مثلا وقبل أن يصل قطاع الطرق، لكن محمدا العلاوي كان بتلك الليلة رفقة السيد، نام الجميع وحصل قطاع الطرق على القافلة. كل ذلك لأن محمدا رافق القافلة، كان بإمكانه أن يعيش بسلام رفقة زوجته شريفة، لم تكن لتكون مربية، وما كانت لتفقد ابنتهما، لم تكن ابنتهما لتلبس القبعات التي تقتلها، وما كان بإمكاني أن أتأخر عن كلتا الحافلتين، ما كنت لألتقي به وما كان ليحدث شيء، الأهم ما كان ليحدث شيء.

قد يتساءل الجميع عن دخلي بالقصة؛ عما حدث حقا، لم يخبروني بذلك في القاعة الأخرى، لكنني اكتشفت ذلك بنفسي ، وقبل وفاتي بزمن، راسلت زوجتي، كانت قد أعادت إلي المال، وفي الرسالة أخبرتها أن الأموال التي أخذتها مني لم تغيرني مثلما وعدت، لكنها كتبت لي أن سبب المشكل لم يكن يوما بعيدا عني، وأنني من يجب أن يجد حلا لذلك فالأموال لن تنفع أبدا، وكتبت في جزء من رسالتها:

عزيزي، إن لم تغيرك تلك الأموال التي قدمتها لي، فإنها ساعدت في تغيير إنسان آخر، تغيير قدر رجل آخر؛ أنت اشتريت حرية رجل آخر بتلك الأموال، لقد منحته فرصة ليرى عائلته.

Page inconnue