Ragnarok : La Fin des Dieux
راجناروك: نهاية الآلهة
Genres
وقف «لوكي» يشاهد ما ارتكبه أبناؤه الوحوش وهم يقتلون ويقتلون. ثم، حين بدأت ساحة المعركة تغرق في وحل دام، شرع في مبارزة نافخ البوق بعيد النظر «هايمدال»، فقاتل كل منهما بتهور وحماس المحكوم عليه بالهلاك. فقتل كل منهما الآخر؛ وسقطت جثة كل منهما في مقابلة الأخرى دون حراك.
أصبحت الأرض ملكا ل «سورتر». فأحرقت نيرانه الأغصان الجريحة ل «إجدراسيل»، وأدت إلى ذبول جذورها العميقة. سقطت منازل الآلهة في بحيرة النار. وجلست «فريج» المكلومة على عرشها الذهبي منتظرة، بينما أحرقت النيران أعتاب بابها، والتهمت أساسات منزلها. ومن ثم احترقت هي أيضا وهي جالسة دون حراك، وتقلص جسمها وصار أسود اللون، وأصبحت رمادا بين الرماد المتساقط.
في مكان سحيق في غابات عشب البحر كانت نيران سورتر تغلي في ركائز البحر. وقد انفكت دعائم «راندراسيل» وفقدت أوراقها السرخسية الجميلة لونها وحياتها، وهوت في الماء الهائج بين الكائنات النافقة التي آوتها تلك الغابة ودعمتها ذات يوم.
بعد مرور وقت طويل، خمدت النيران أيضا. ولم يتبق إلا سطح منبسط من السائل الأسود يلمع في نقاط الضوء الصغيرة الباهتة التي ما زالت تنبعث عبر فتحات النجوم. طفت بعض قطع الشطرنج الذهبية وتمايلت على التموجات القاتمة.
الطفلة النحيلة في زمن السلم
خزنت الطفلة النحيلة صورة نهاية العالم هذه، مثل قطعة بيضاوية رفيعة من البازلت الأسود أو الإردواز، والتي ظلت مصقولة دوما في عقلها، بجوار الشبح الرمادي للذئب، واللفائف اللامعة والخطم الغليظ للأفعى في العقل. لقد قرأت ما احتاجت إلى معرفته، واختارت عدم تخيل، وعدم تذكر عودة الآلهة والبشر إلى سهل «إيدا» الأخضر المتجدد، التي ذكرت في كتاب «أسجارد والآلهة». فقد ذكر المحرر الألماني الدقيق لذلك الكتاب أن هذا البعث هو على الأرجح تشويه مسيحي للنهاية الأصلية البسيطة. كان هذا كافيا للطفلة النحيلة. وهو ما جعلها تصدقه على الفور. فهي لم تكن تحتاج إلا إلى النهاية الأصلية، الماء المظلم الذي يغطي كل شيء.
لقد كان الشيء الأسود في عقلها والماء المظلم المرسوم في صفحة الكتاب شيئا واحدا، نوعا من المعرفة. وهذا هو تأثير الأساطير. فهي عبارة عن أشياء ومخلوقات وقصص تحتل العقل. إنها أشياء لا يمكن تفسيرها، ولا تفسر شيئا؛ إنها ليست عقيدة ولا رموزا. لقد صار اللون الأسود الآن داخل عقل هذه الطفلة النحيلة، وأصبح جزءا من طريقة استيعابها لأي شيء يقابلها.
خزنت الطفلة «راجناروك» في عقلها لتواجه بها الوقت الذي ستتأكد فيه عدم عودة والدها. إلا أنه، ذات ليلة، بعد منتصف الليل، عندما كانت النوافذ لا تزال مدهونة بطلاء معتم تحسبا للغارات الليلية، عاد والدها، على نحو مفاجئ وغير متوقع. فأيقظوا الفتاة النحيلة، ووجدته أمامها، يقف عند مدخل المنزل، بشعره الأحمر الذهبي اللامع، والأجنحة الذهبية على سترته، وقد مد ذراعيه إلى الأمام ليحملها حين قفزت عليه. تهاوت جدران الدفاع ضد الكوارث داخل رأس الطفلة النحيلة، ولكن ظلت معرفتها ب «راجناروك»، القرص الأسود، في مكانها لم تتزحزح.
عادوا جميعا إلى المنزل، الطفلة النحيلة وأسرتها. كان منزلهم عبارة عن بيت رمادي ضخم، به حديقة شديدة الانحدار في المدينة الفولاذية، التي كان لها جوها الخاص الذي يمكن تشبيهه بجدار من سحابة كبريتية معتمة، رأوها وهم قادمون من الريف حيث جرى إجلاؤهم. شعرت الطفلة النحيلة بضيق شديد في صدرها مع اقتراب هذا الهواء الفاسد منها.
يوجد قدر من التشابه بين قصة «بنيان» الرمزية والأماكن التي عادوا إليها. كان المنزل القديم في «ميدو بانك أفنيو»، وهو مساحة بيضاوية أشبه بمقلاة طويلة، ينحدر منها ممر ضيق، منحدرا إلى مكان يدعى «نيذر إيدج» (الحافة السفلى). كانت الطفلة النحيلة أكبر قليلا في العمر حين فهمت جمال تعبير «الحافة السفلى»، في مقابل مجرد قولها بسرعة والتفكير في المكان الذي يوجد فيه متجر الجزار، بما فيه من بلطات وسكاكين وأطراف دامية للذبائح، وحيث تسير الحافلات الكبيرة مسرعة ومصدرة صوتا مدويا، وحيث كان بائع الأدوات المكتبية يبيع الحلوى المثلجة والصحف وحلوى «جوبستوبر» المستديرة الصلبة.
Page inconnue