قالوا (^١): ولا ندري أعَلِمَ صاحبُ هذا الاستدلال سبب الحديث، وأن القوم كانوا إذا سلَّموا من الصلاة رفع أحدُهم يدَه اليمنى مشيرًا بها إلى مَنْ عن يمينه، ثم رفع اليسرى مشيرًا بها إلى مَن عن شماله كذلك، فنُهوا عن ذلك وأُمِروا بالاقتصار على السلام، وقيل لهم: إنما يكفي أحدكم أن يسلّم على أخيه مِن عن يمينه وعن شماله: السلامُ عليكم ورحمة الله، السلامُ عليكم ورحمة الله، أم لم يعلم أن ذلك هو المنهيّ عنه؟
فإن كان لا يدري فتلك مصيبة ... وإن كان يدري فالمصيبة أعظم (^٢)
قال إمام السُّنة محمد بن إسماعيل البخاري (^٣): «وأما احتجاج من لا يعلم بحديث وكيع، عن الأعمش، عن المسيّب بن رافع، عن تميم بن طَرَفَة، عن جابر بن سَمُرة، قال: دخل علينا النبي ﷺ ونحن رافعو (^٤) أيدينا في الصلاة فقال: «ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شُمْس اسكنوا في الصلاة» (^٥)، فإنما كان هذا في التشهد لا في القيام، كان يُسَلِّم بعضُهم على بعض، فنهى النبيُّ ﷺ عن رفع الأيدي في التشهد. ولا يحتجُّ بمثل هذا من له حظٌّ من العلم، هذا معروف مشهور لا اختلاف فيه.