- الْحَمد الله الَّذِي بعث لهداية خلقه رسلًا وأنبياء وخصهم بمزيد التَّعْظِيم والتبجيل وَجعل من أَشْرَفهم وساد اتهمَ وأكملهم وَرُؤَسَائِهِمْ سيدنَا مُحَمَّدًا المنعوت بغاية التكريم والتفضيل وَجعل شَرِيعَته من بَين الشَّرَائِع السماوية مَوْصُوفَة باليسر والتسهيل وَنسخ بهَا جَمِيع الْأَدْيَان والملل وابطل بهَا شرك الْأَوْثَان والنحل أدماها إِلَى يَوْم التهويل فسبحانه من اله جلت قدرته وعظمت هيبته تَعَالَى عَمَّا يصفه الظَّالِمُونَ بِهِ من التَّشْبِيه والتجسيم والتعطيل وتنزه عَن التجانس والتشابه والتمثيل وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَات العلى والطبقات السُّفْلى لَيْسَ كمثله شَيْء فِي الأولى وَالْأُخْرَى فِي أَوْصَاف التَّكْمِيل اشْهَدْ انه لَا إِلَه إِلَّا الله هُوَ وَحده لَا شريك لَهُ وَلَا ضد لَهُ وَلَا ند لَهُ وَلَا مُنَاقض لَهُ وَلَا معَارض لَهُ يُعَارضهُ فِي التَّدْبِير والتعميل احمده حمدا كثيرا على ان حفظ شَرِيعَة سيد أنبيائه من التَّغْيِير
1 / 43
- والتبديل وَبعث فِي أمته فضلاء ونقادا وكملاء وزهادا اهتموا بِحِفْظ آثَار نَبِيّهم وَاقْتَدوا باخبار شفيعهم وَتَكَلَّمُوا فِي مَرَاتِب الْجرْح وَالتَّعْدِيل والهمهم كَيْفيَّة رِوَايَة الْأَحَادِيث وَحملهَا والبحث عَن وَصلهَا وفصلها وَعَن حسنها وصحتها وضعفها وقوتها وَعَن نقد أسانيدها بِحسن التأصيل فَصَارَت الْأَحَادِيث المصطفية والْآثَار الشَّرْعِيَّة منقاة ومصفاة من كل مفْسدَة وتجهيل واشكره شكرا كَبِيرا على أَن وعد على رَأس كل مائَة من مئات هَذِه الْأمة بَان يبْعَث فِيهَا مِنْهَا م يجدد لَهَا دينهَا وَيُقِيم لَهَا طريقتها
1 / 44
- ويحفظها من مكايد أَصْحَاب التسويل واشهد أَن سيدنَا ومولانا مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله وَصفيه وخليله
1 / 46
- ونجيه وحبيبه الَّذِي جَاءَنَا من عِنْد رَبنَا بالشريعة السهلة الْبَيْضَاء وهدانا إِلَى الطَّرِيقَة الْحَسَنَة الغراء جزاه الله عَنَّا خير الْجَزَاء فِي الِابْتِدَاء والانتهاء واوصله إِلَى أَعلَى دَرَجَات التَّفْضِيل اللَّهُمَّ صل عَلَيْهِ
1 / 47
- صَلَاة تَامَّة زاكية دائمة شَامِلَة وعَلى جَمِيع أَصْحَابه وَأَتْبَاعه صَلَاة
1 / 48
- تنجينا من كل تهويل وتحفظنا من كل تنكيل وَبعد فَيَقُول الراجي عَفْو ربه الْقوي أَبُو الْحَسَنَات مُحَمَّد عبد الْحَيّ اللكنوي تجَاوز الله عَن ذَنبه الْجَلِيّ الْخَفي ابْن مَوْلَانَا الْحَاج الْحَافِظ مُحَمَّد بن عبد الْحَلِيم ادخله الله دَار النَّعيم هَذِه رِسَالَة رشيقة وعجالة أنيقة اسْمهَا يخبر عَن رسمها وفحواها يشْعر بمعناها اعني
الرّفْع والتكميل فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل
بَعَثَنِي على تأليفها مَا رَأَيْت من عُلَمَاء عصري وفضلاء دهري من ركوبهم على متن عمياء وخبطهم كخبط العشواء تراهم فِي بحث التَّعْدِيل وَالْجرْح من أَصْحَاب الْقرح فهم كالحبارى فِي الصحارى والسكارى فِي السحارى وَمَا ذَلِك إِلَّا لجهلهم بمسائل الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَعدم وصولهم إِلَى منَازِل الرّفْع والتكميل كم من فَاضل قد جرح الْأَسَانِيد الصَّحِيحَة وَكم من كَامِل صحّح الْأَسَانِيد الضعيفة يصححون الضعْف ويضعفون الْقوي وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَى الصِّرَاط السوي تراهم قد ظنُّوا نقل الْجرْح وَالتَّعْدِيل من كتب نقاد الرِّجَال كتهذيب الْكَمَال لِلْحَافِظِ الْمزي وميزان الِاعْتِدَال للذهبي وتهذيب التَّهْذِيب وتقريب التَّهْذِيب وَالْمُغني وكامل ابْن عدي ولسان الْمِيزَان وَغَيرهَا من كتب أهل الشَّأْن أمرا يَسِيرا وَمَا
1 / 49
- تركُوا فِي هَذَا الْبَاب قطميرا ونقيرا مَعَ جهلهم باصطلاحات أَئِمَّة التَّعْدِيل وَالْجرْح وَعدم فرقهم بَين الْجرْح الْمُبْهم وَالْجرْح الْغَيْر الْمُبْهم وَبَين مَا هُوَ مَقْبُول وَبَين مَا هُوَ غير مَقْبُول عِنْد حَملَة ألوية الشَّرْع وَبعد مداركهم عَن إِدْرَاك مَرَاتِب الْأَئِمَّة من معدلي الْأمة أَو مَا علمُوا أَن الدُّخُول فِي هَذِه المسالك الصعبة الَّتِي زلت فِيهَا إقدام الكملة أَمر عَظِيم لَا يَتَيَسَّر من كل حبر كريم فضلا عَمَّن يَتَّصِف بالسالك فِي أَوديَة الضلال والخابط فِي ظلماء الليال أَو مَا فهمو أَن لكل مقَام مقَال وَلكُل فن رجال وان جرح من هُوَ خَال عَنهُ فِي الْوَاقِع وتعديل من هُوَ مَجْرُوح فِي الْوَاقِع أَمر ذُو خطر لَا يَلِيق بِالْقيامِ بِهِ كل بشر فَأَرَدْت أَن اكْتُبْ فِي هَذَا الْبَاب رِسَالَة شافية وعجالة كَافِيَة تشْتَمل على علالة فَوَائِد الْمُتَقَدِّمين وسلالة فرائد الْمُتَأَخِّرين اذكر فِيهَا مسَائِل مُتَعَلقَة بِالْجرْحِ وَالتَّعْدِيل ومناهل مربوطة بأئمة الْجرْح وَالتَّعْدِيل لتَكون مفيدة وهادية إِلَى الطَّرِيقَة النقية الصافية فدونك كتابا يروي كل غليل ويشفي كل عليل يرشدك إِلَى سَوَاء
1 / 50
- الطَّرِيق وينجيك من كل حريق ويعلمك مَا لم تكن تعلم ويفهمك مَا لم تكن تفهم وستقول بعد الإطلاع على مَا فِيهِ من كنوز الْفَوَائِد ودرر الفرائد هَذَا بَحر زاخر كم ترك الأول للْآخر وارجو من كل من ينْتَفع بِهِ أَن يَدْعُو لي بِحسن الخاتمة وَخير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وأسأل الله تَعَالَى أَن يقبله مَعَ سَائِر تصانيفه ويجعله لوجهه الْكَرِيم انه ذُو الْفضل الْعَظِيم زَان يجنب اقلامي من الْخَطَأ والخطل واقدامي من السَّهْو والزلل وان يحفظني من التوصيف بمجدد الاغلاط ومحدد الاشطاط آمين يَا رب الْعَالمين وَهَذِه الرسَالَة مرتبَة على مُقَدّمَة مُشْتَمِلَة على الْأُمُور المهمة ومراصد عديدة متضمنة على مَقَاصِد سديدة
1 / 51
- الْمُقدمَة
فِيمَا يتَعَلَّق بِحكم جرح الروَاة وتعديلهم وَمَا يجب فِيهِ من التثبت والتحري لقَولهم وفعلهم وَمَا يحذر من الْمُبَادرَة إِلَى الْجرْح بِلَا ضَرُورَة وَمَا لَا يجوز من الْجرْح وَنَقله وَمَا يجوز مِنْهُ ولنذكر ذَلِك فِي إيقاظات عديدة مُشْتَمِلَة على إيماضات سديدة
ايقاظ
- فِيمَا لَيْسَ بغيبة ذكر النَّوَوِيّ فِي رياض الصَّالِحين وَالْغَزالِيّ فِي إحْيَاء عُلُوم الدّين
1 / 52
- وَغَيرهمَا فِي غَيرهمَا أَن غيبَة الرجل حَيا وَمَيتًا تُبَاح لغَرَض شَرْعِي لَا يُمكن الْوُصُول إِلَيْهِ إِلَّا بهَا وَهِي سِتَّة
التظلم فَيجوز للمظلوم أَن يتظلم إِلَى السُّلْطَان وَالْقَاضِي وَغَيرهمَا مِمَّن لَهُ ولَايَة أَو قدرَة على إنصافه من ظلامه فَيَقُول فلَان ظَلَمَنِي كَذَا
الِاسْتِعَانَة على تَغْيِير الْمُنكر ورد العَاصِي إِلَى الصَّوَاب فَيَقُول لمن يَرْجُو مِنْهُ إِزَالَة الْمُنكر فلَان يفعل كَذَا فأزجره
الاستفتاء فَيَقُول للمفتي ظَلَمَنِي أبي بِكَذَا فَمَا سَبَب الْخَلَاص مِنْهُ
تحذير الْمُؤمنِينَ من الشَّرّ ونصيحتهم وَمن هَذَا الْبَاب الْمُشَاورَة فِي مصاهرة إِنْسَان أَو مشاركته أَو ايداعه أَو مُعَامَلَته أَو غير ذَلِك وَمِنْه جرح الشُّهُود عِنْد القَاضِي وجرح رَوَاهُ الحَدِيث وَهُوَ جَائِز بِالْإِجْمَاع بل وَاجِب للْحَاجة وَمِنْه مَا إِذا رأى متفقها يتَرَدَّد
1 / 53
- إِلَى المبتدع أَو فَاسق يَأْخُذ عَنهُ الْعلم وَخَافَ أَن يتَضَرَّر المتفقه بذلك فنصحه بِبَيَان حَاله بِشَرْط أَن يَقْصِدهُ النصح وَلَا يحملهُ على ذَلِك الْحَسَد والاحتقار
أَن يكون مجاهرا بِفِسْقِهِ أَو بدعته فَيجوز ذكره بِمَا يُجَاهر بِهِ دون غَيره من الْعُيُوب
التَّعْرِيف كَأَن يكون الرجل مَعْرُوفا بِوَصْف يدل على عيب كالأعمش والأعرج والأصم والأعور والأحول وَغَيرهَا فَهَذِهِ سِتَّة أَسبَاب وَيلْحق بهَا غَيرهَا مِمَّا يناظها ويشابهها ودلائلها فِي كتب الحَدِيث مَشْهُورَة وَفِي كتب الْفَنّ مسطورة
ايقاظ فِي حُدُود الْجرْح الْجَائِز
لما كَانَ الْجرْح امرا صعبا فَأن فِيهِ حق الله مَعَ حق الْآدَمِيّ وَرُبمَا
1 / 56
- يُورث مَعَ قطع النّظر عَن الضَّرَر فِي الْآخِرَة ضَرَرا فِي الدُّنْيَا من المنافرة والمقت بَين النَّاس وانما جوز للضَّرُورَة الشَّرْعِيَّة حكمُوا بِأَنَّهُ لَا يجوز الْجرْح بِمَا فَوق الْحَاجة وَلَا الِاكْتِفَاء على نقل الْجرْح فَقَط فِيمَن وجد فِيهِ الْجرْح وَالتَّعْدِيل كِلَاهُمَا من النقاد وَلَا جرح من لَا يحْتَاج الى جرحه وَمنعُوا من جرح الْعلمَاء الَّذين لَا يحْتَاج اليهم فِي رِوَايَة الاحاديث بِلَا ضَرُورَة شَرْعِيَّة ولنذكر بعض عِبَارَات الْعلمَاء الدَّالَّة على مَا ذكرنَا قَالَ السخاوي فِي فتح المغيث بشرح الفيه الحَدِيث لَا يجوز التجريح بشيئين اذا حصل بِوَاحِد انْتهى وَقَالَ الذَّهَبِيّ
1 / 57
- فِي ميزَان الِاعْتِدَال كَذَلِك من تكلم فِيهِ من الْمُتَأَخِّرين لَا أورد مِنْهُم فِي هَذَا الْكتاب الا من تبين ضعفه واتضح امْرَهْ اذ الْعُمْدَة فِي زَمَاننَا لَيْسَ على الروَاة بل على الْمُحدثين
1 / 58
- والمفيدين وَالَّذين عرفت عدالتهم وَصدقهمْ فِي ضبط اسماء السامعين
1 / 59
- ثمَّ من الْمَعْلُوم انه لَا بُد من صون الرَّاوِي وستره فالحد الْفَاصِل
1 / 60
- بَين الْمُتَقَدّم والمتأخر هُوَ رَأس سنة ثَلَاث مئة انْتهى وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي رسَالَته الدوران الفلكي على ابْن الكركي عِنْد ذكر وُجُوه طعنة على معاصره السخاوي الثَّالِث انه الف تَارِيخا ملأَهُ بغيبة الْمُسلمين وَرمى فِيهِ عُلَمَاء الدّين باشياء اكثرها مِمَّا يكذب فِيهِ وَيَمِين فالفت المقامه الَّتِي سميتها الكاوي فِي تَارِيخ السخاوي نزهت فِيهَا اعراض النَّاس وهدمت مَا بناه فِي تَارِيخه الى الاساس انْتهى وَقَالَ السُّيُوطِيّ ايضا فِي رسَالَته الكاوي فِي تَارِيخ السخاوي الْغَرَض الان بَيَان خطئه فِيمَا ثلب بِهِ النَّاس وكشط مَا ضمنه فِي تَارِيخه بِالْقِيَاسِ فقد قَامَت الادلة فِي الْكتاب وَالسّنة على تَحْرِيم احتقار الْمُسلمين وَالتَّشْدِيد فِي غيبتهم بِمَا هُوَ صدق وَحقّ فضلا عَمَّا يكذب فِيهِ الْجَارِح وَيَمِين فان قَالَ لَا بُد من جرح الروَاة والنقلة وَذكر الْفَاسِق والمجروح من الحملة فَالْجَوَاب
1 / 64
- اولا ان كثيرا مِمَّن جرحهم لَا رِوَايَة لَهُم فَالْوَاجِب فيهم شرعا ان يسكت عَن جرحهم ويهمله وَثَانِيا ان الْجرْح انما جوز فِي الصَّدْر حَيْثُ كَانَ الحَدِيث يُؤْخَذ من صُدُور الاحبار لَا من بطُون الاسفار فاحتيج اليه ضَرُورَة للذب عَن الاثار وَمَعْرِفَة المقبول والمردود من الاحاديث والاخبار واما الان فالعمدة على الْكتب الْمُدَوَّنَة غَايَة مَا فِي الْبَاب انهم شؤطوا لمن يذكر الان فِي سلسلة الاسناد تصونه وَثُبُوت سَمَاعه بِخَط من يصلح عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد فاذا احْتِيجَ الان الى الْكَلَام فِي ذَلِك اكْتفي بَان يُقَال غير مصون اَوْ مَسْتُور وَبَيَان ان فِي سَمَاعه نوعا من التهور والزور واما مثل الائمة الاعلام ومشايخ الاسلام كالبلقيني والقاياتي والقلقشندي والمناوي وَمن سلك فِي جوادهم فاي وَجه للْكَلَام فيهم وَذكر مَا رماهم الشُّعَرَاء اهاجيهم انْتهى وَقَالَ السخاوي فِي فتح المغيث وَلذَا تعقب ابْن دَقِيق الْعِيد ابْن السَّمْعَانِيّ فِي ذكره بعض الشُّعَرَاء والقدح فِيهِ بقوله اذا لم يضْطَر فِيهِ الى الْقدح فِيهِ للرواية لم يجز وَنَحْوه قَول ابْن المرابط قد دونت الاخبار وَمَا بَقِي للتجريح فَائِدَة بل انقظعت على رَأس ارْبَعْ مئة انْتهى
1 / 65
- وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي مِيزَانه فِي تَرْجَمَة ابان من يزِيد الْعَطَّار قد اورده ايضا الْعَلامَة ابْن الْجَوْزِيّ فِي الضُّعَفَاء وَلم يذكر فِيهِ اقوال من وَثَّقَهُ وَهَذَا من عُيُوب كِتَابه يسْرد الْجرْح ويسكت عَن التوثيق انْتهى قلت هَذِه النُّصُوص لَعَلَّهَا لم تقرع صماخ افاضل عصرنا واماثل دَهْرنَا فان شيمتهم انهم حِين قصدهم بَيَان ضعف رِوَايَة ينقلون من كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل الْجرْح دون التَّعْدِيل فيوقعون الْعَوام فِي المغلطه لظنهم ان هَذَا الرواي عَار عَن تَعْدِيل الاجلة وَالْوَاجِب عَلَيْهِم ان ينقلوا الْجرْح وَالتَّعْدِيل كليهمَا ثمَّ يرجحوا حَسْبَمَا يلوح لَهُم احدهما ولعمري تِلْكَ شِيمَة مُحرمَة وخصلة مخرمَة وَمن عاداتهم السَّيئَة ايضا انهم كلما الفوا سفرا فِي تراجم الْفُضَلَاء
1 / 66
- ملأوه بِمَا يستنكف عَنهُ النبلاء فَذكرُوا فِيهِ المعايب والمثالب تَرْجَمَة من هُوَ عِنْدهم من الْمَجْرُوحين المقبوحين وان كَانَ جَامعا للمفاخر والمناقب وَهَذَا من اعظم المصائب تفْسد بِهِ ظنون الْعَوام وتسري بِهِ الاوهام فِي الاعلام وَمن عاداتهم الخبيثة انهم كلموا ناظروا وَاحِدًا من الافاضل فِي مسالة من الْمسَائِل توجهوا الى جرحه بافعاله الذاتية وَبَحَثُوا عَن اعماله العرضية وخلطوا الف كذبات بِصدق وَاحِد وفتحوا لِسَان الطعْن عَلَيْهِ بِحَيْثُ يتعجب مِنْهُ كل ساجد وغرضهم مِنْهُ اسكات مخاصمهم بالسب والشتم والنجاة من تعقب مقابلهم بِالتَّعَدِّي وَالظُّلم بِجعْل المناظرة مشاتمة والمباحثة مخاصمة وَقد نبهت على قبح هَذِه الْعَادَات باوضح الْحجَج والبينات فِي رسالتي تذكرة الراشد برد تبصرة النَّاقِد
ايقاظ - - فِي شَرط الْجَارِح والمعدل
يشْتَرط فِي الْجَارِح والمعدل الْعلم وَالتَّقوى والورع والصدق والتجنب عَن التعصب وَمَعْرِفَة اسباب الْجرْح والتزكية وَمن لَيْسَ كَذَلِك لَا يقبل مِنْهُ الْجرْح وَلَا التَّزْكِيَة
1 / 67
- قَالَ التَّاج السُّبْكِيّ من لَا يكون عَالما باسبابهما أَي الْجرْح وَالتَّعْدِيل لَا يقبلُونَ مِنْهُ لَا باطلاق وَلَا بتقييد انْتهى وَقَالَ الْبَدْر بن جمَاعه من لَا يكون عَالما بالاسباب لَا يقبل مِنْهُ جرح وَلَا تَعْدِيل لَا بالاطلاق وَلَا بالتقييد انْتهى وَقَالَ الْحَافِظ ابْن حجر فِي شرح نخبته ان صدر الْجرْح من غير عَارِف باسبابه لم يعْتَبر بِهِ وَقَالَ ايضا تقبل التَّزْكِيَة من عَارِف باسبابها لَا من غير عَارِف وَيَنْبَغِي ان لَا يقبل الْجرْح الا من عدل متيقظ انْتهى وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي تَرْجَمَة ابي بكر الصّديق من كِتَابه تذكرة الْحفاظ
1 / 68