السلطان، واتفق أن الطولوني شفع في شاهد عند القاضي مجد الدين، أن يجلسه في حانوت الشهود فتوقف. فحقدها عليه. فتكلم مع السلطان في أن المجد عاجز عن السفر، لثقل بدنه. وكان السلطان يشاهده أيام الموكب، فيرى حركته بطيئة إلى الغاية، فإنه كان يجلس في كل اثنين وخميس إلى جانبه الأيسر. فإذا انفض الموكب، وأراد القيام - وكان عبل البدن - يتكئ على يديه وترتفع عجيزته، فلا ينهض إلا بعد بطء، فصدق السلطان القائل، وأمر بإعفائه فسعى الجمال حينئذ ببذل المال، والسلطان محتاج إلى الاستكثار منه، بسبب الإنفاق على الجند فولاه، وذلك في شعبان سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
وانصرف المَجد إلى منزله بالسيوفية، فأقام فيه بطالًا، ولكنه يشغل الطلبة، ويحضر الوظائف التي كانت بيده قبل القضاء.
وكان جُل تكسبه من التوقيع، فامتنع عليه أن يباشره، بعد أن صار قاضي القضاة، فضاق حاله، وتعطل إلى أن نُسِي، كأن لم يكن شيئًا مذكورًا.
وكان الظاهر يتفقده بالصدقات، فلما مات الظاهر كف بصر المَجد، وساءت حاله إلى الغاية.
ومات في أول شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة. وكان كثير النظم، جيد الوزن فيه، إلا أنه لم يكن بالماهر في عمله. وله أشياء كثيرة من قسم المقبول كقوله:
لا تحسبنَّ الشِّعْر فضلًا بارعًا ... ما الشعرُ إلا محنةً وخبَالُ
فالهجو قَذْفٌ والرثاء نيَاحةٌ ... والعَتْب ضِغْنٌ والمديح سؤالُ
وقال أيضًا ...
1 / 83