ومن تصانيفه: الرد على ابن تيمية، وهو فيه منصف متأدب، صحيح المباحث. وبلغ ذلك ابن تيمية فتصدى للرد على ردِّه. وذكره الذهبي في تاريخه فقال: كان نبيلًا وقورًا فاضلًا، كثير المحاسن والبر، وما أظنه روى شيئًا من الحديث. انتهى.
ولما كان في شهر رجب سنة سبعمائة، طلب بَطْرَك النصارى، وربان اليهود، وجمع القضاة والعلماء، ففوضوا إليه أخذ العهد عليهم. فجددوه، وشرط عليهم ألا يركب أحد منهم فرسًا ولا بغلة، وأن يلبس النصارى العمائم الزرق، واليهود العمائم الصفر. فالتزموا بذلك واستمروا عليه ويقال إنه كان له دفتر يكتب فيه ما يستدينه، فأوصى عند موته أن يعتمد ما فيه، فجاء شخص فذكر أن له عنده مائتي درهم، فلم يجدوها في الدفتر، فرآه شخص من أصدقائه فقال: إن الرجل صادق، وإنها في الدفتر بقلم دقيق، فانتبه الرجل فوجد الأمر كما قال. ويقال: إنه حج فسأل الله حاجة ولم يذكر ذلك لأحد، فجاءه شخص بعد مدة فقال: رأيت النبي ﷺ في النوم، فامرني أن أقول لك: أعطني جميع ما عندك والأمارة الحاجة التي سألتها بمكة، فقال نعم. واخرج له ما عنده وهو مائة دينار وألف درهم. وقال: لو كان عندي أكثر من هذا لدفعته لك، فإن الأمَارة صحيحة.
أحمد بن إبراهيم بن أحمد الأندلسي الفقيه المالكي، من المائة الرابعة وكان من عدول عمر بن الحسن العباسي. وكان يحفظ مذهب مالك، مع فصاحة وكفاية وسعة حال وكان يتشوف لولاية قضاء مصر، لما يرى من حصوله لأقرانه ومن دونهم. وكان يتأدب مع عمر بن الحسن أن يسعى له فيه. فلما وقع بين الخَصِيبِي وولده ما سيأتي في ترجمة عبد الله بن محمد الخصيبي، استعان بعلي بن صالح الرُّوذْبَارِي وبذلك لذلك مالًا جزيلًا، فبلغ ذلك الخصيبي، فوشى به عند كافور. فأمر كافور بالقبض
عليه وَهَمّ بقتله. فقام أبو جعفر مسلم الشريف ودافع عن الأندلسي، وبَيّن لكافور تزييف كلام الخصيبي.
1 / 42