هو صالح بن علي بن عبد الله بن عباس. فأشير عليه بواحد من ثلاثة، وهم: عبد الله بن عياش القِتْبَاني وحَيْوَة بن شُرَيْح وأبو خُزَيْمة، وكان حينئذ بالإسكندرية فأحضر، وعُرض عليه القضاء فامتنع. فأحضر السيف والنَّطْع، فخاف وأجاب. وكان قد عرض ذلك على حيوة بن شريح فأخرج لهم مفتاح بيته ودفعه
لهم، وقال: لقد اشتقت إلى لقاء ربي.
كذا قال. ولم يكن يومئذ عبدُ الملك أميرَ مصر، إنما كان أميرُها يومئذ حميدَ ابن قَحْطبة.
والذي يزيل هذا الخلاف أن إمْرَة مصر حينئذ كانت إلى صالح بن علي عم المنصور. وكان من ذكر من الأمراء نوابًا عنه.
قال يحيى بن عبد الله بن بكير: سمعت ابنَ لَهيعة، وسئل هل كان أبو خزيمة القاضي فقيهًا؟ قال: والله ما كان يفتح لنا السؤال عند يزيد بن أبي حَبِيب إلا أبو خزيمة. وكان نافذًا في البيوع والطلاق والأحكام.
وقال ابن يونس: كان من الزاهدين العابدين. يقال إنه دخل على عبد الله ابن الحارث بن جَزْء الزَّبيدي الصحابي. وحدث عنه المُفَضَّل بن فَضَالة وخالد ابن حميد وجرير بن حازم والصباح بن أبان ورِشْدِين بن سعد.
وقال المُفضَّلُ بنُ فَضَالة: كان أبو خزيمة يعمل الأرسان، فيبيع كل يوم رَسَنَيْن واحدًا ينفقه على نفسه وأخر ينفذه إلى إخوانه بالإسكندرية. فلما ولي القضاء. كتبوا إليه في ذلك، فقال معاذ الله أن أترك. فكان يعملها ويبعث بها إليهم.
وكان إذا غسل ثيابه أو شهد جنازة أو اشتغل بشغل له يختص به يأخذ من رزقه بقدر ما اشتغل، فيعيده إلى بيت المال، ويقول: إنما أنا عامل المسلمين،
1 / 37