وَأجِيب بِأَن الْجَبَل إِذا علم بِالْعَادَةِ أَنه حجر، اسْتَحَالَ أَن يكون حِينَئِذٍ ذَهَبا ضَرُورَة؛ وَهُوَ المُرَاد، وَمعنى التجويز الْعقلِيّ أَنه لَو قدر، لم يلْزم مِنْهُ محَال لنَفسِهِ، لَا أَنه مُحْتَمل.
هَامِش
" وَأجِيب؛ بِأَن الْجَبَل إِذا علم بِالْعَادَةِ أَنه حجر، اسْتَحَالَ حِينَئِذٍ "، أَي: حِين إِذْ تعلق الْعلم بِهِ " أَن يكون ذَهَبا " فِي الْخَارِج، وَفِي الْعقل " ضَرُورَة "؛ لِاسْتِحَالَة اجْتِمَاع النقيضين وهما: كَونه حجرا أَو غير حجر، " وَهُوَ المُرَاد "؛ من عدم احْتِمَال النقيض.
" وَمعنى التجويز الْعقلِيّ: أَنه لَو قدر " مُقَدّر نقيض مُتَعَلق الْعلم، " لم يلْزم مِنْهُ "، أَي: من تَقْدِيره " محَال لنَفسِهِ " لَا يُمكن لذاته، " لَا أَنه مُحْتَمل "، أَي: لَيْسَ معنى التجويز: أَن نقيض مُتَعَلق الْعلم يحْتَمل وُقُوعه بِوَجْه؛ فَحِينَئِذٍ جَازَ كَون النقيض مركبا فِي نَفسه، وَلَا يحْتَمل وُقُوعه لغيره؛ فَلَا يلْزم من التجويز الْعقلِيّ الِاحْتِمَال؛ فَتدخل الْعُلُوم العادية تَحت الْحَد.
وَلقَائِل أَن يَقُول: إِذا تعلق الْعلم بِكَوْنِهِ حجرا، فالمستحيل إِنَّمَا هُوَ تعلق الْعلم - وَالْحَالة هَذِه - بِأَنَّهُ ذهب، لَا كَونه ذَهَبا فِي نفس الْأَمر، فَرب مَعْلُوم بِالْعَادَةِ، وَقد خرقت الْعَادة فِيهِ، وَلم يعلم الْعَالم بِهِ بخرقها، وَهُوَ عَالم بِالْعَادَةِ، مَعَ وُقُوع خلَافهَا فِي نفس الْأَمر، وَهَذَا كَمَا أَن الْقَمَر، لما انْشَقَّ للنَّبِي ﷺ َ -، كَانَ الْحَاصِل عِنْد من لم يره فِي ذَلِك الْوَقْت، وَلم يبلغهُ انشقاقه - أَنه غير منشق، بل هُوَ على الْمُعْتَاد، فَكَانَ الْعلم العادي حَاصِلا بِأَنَّهُ غير منشق فِي ذَلِك
1 / 271