وأحنى القائد رأسه باحترام وإجلال، وقال بهدوء وبلا أدنى تأثر: أسعد الرب أيامك أيتها السيدة الجليلة.
فقالت وهي تتفرس في وجهه: وأيامك أيها القائد الجليل، وإني أشكرك على قبول دعوتي.
فقال طاهو وهو يحني رأسه: إني رهن إشارتك يا سيدتي.
رأته كما كان قويا متين الأسر، دموي البشرة، ولكن لم يخف عن عينيها الفاحصتين أن ترى تغيرا طارئا لا يمكن لغير عينيها أن تراه. وجدت حول وجهه هالة من ذبول أفقدت نظرة العينين بريقهما، وأطفأت روحا شاملا كان يشع من وجه الرجل .. وأشفقت من أن يكون ذلك بسبب ما حدث في تلك الليلة الغريبة التي فصلت بينهما منذ قريب من عام .. وا أسفاه! كان طاهو كجو عاصف ، فأمسى كجو راكد .. وقالت له: إني دعوتك أيها القائد لأهنئك على الثقة العظيمة التي يوليك إياها الملك.
فبدت الغرابة على وجه القائد وقال: شكرا لك يا سيدتي، هذه نعمة قديمة منت بها علي الأرباب.
فابتسمت ابتسامة متكلفة وقالت بدهاء: ولأشكرك على ما أسديت إلى فكرتي من جميل الثناء.
وتفكر الرجل لحظة، ثم تذكر فقال: لعلك يا سيدتي تعنين الفكرة النيرة التي أوحى بها عقلك الراجح؟
فهزت رأسها أن نعم، فاستطرد: إنها فكرة رائعة، جديرة بذكائك اللامع.
فقالت وهي لا تبدي السرور: إن تحقيقها يكفل لمولانا القوة والسيادة، وللوطن السلام والطمأنينة.
فقال القائد: هذا حق لا ريب فيه، وهو ما جعلنا نهلل لها ونكبر.
Page inconnue