كيف يقول هذا وهو يعلم أين تنفق هذه الأموال؟
وأثار قوله غيظها الدفين وحنقها المختنق، فانتفضت غضبا وتغلبت عليها مشاعرها فقالت بانفعال: يسيء كل عاقل أن تنزع أراضي قوم حكماء لينفق ريعها في اللهو العابث.
فاشتد هياج الملك، وقال وهو يشير بيده مهددا: ويل للرجل الماكر .. إنه يغري بالشقاق بيننا؟
فقالت بتألم وحزن: إنك تصورني لنفسك كطفلة غريرة. - ويل له .. لقد طلب مقابلة الملكة ليحادث المرأة المستترة في ثوبها الملكي.
فصاحت به حزينة متألمة قائلة: مولاي!
ولكنه استطرد يقول مدفوعا بغضبه الشيطاني: لقد جئت يا نيتوقريس مسوقة بالغيرة لا بالرغبة في الوئام.
وأحست بطعنة نجلاء تصيب كبريائها، فأظلمت عيناها، ودوى النبض في أذنيها، وارتجفت أطرافها. ولبثت هنيهة لا تستطيع قولا، ثم قالت: أيها الملك! لا يعرف خنوم حتب عنك شيئا أجهله فيسعى به إلي، وما دمت تظن هذا، فاعلم بأني أعلم، كما يعلم الجميع، أنك غارق في أحضان راقصة بجزيرة بيجة منذ أشهر، فهل رأيتني طوال هذه الفترة طاردتك، أو ضيقت عليك، أو توسلت إليك؟ .. واعلم أن الذي يريد أن يخاطب في المرأة يرتد خائبا، ولا يلقى أمامه سوى الملكة نيتوقريس.
فاحتد قائلا بعناد: ما تزالين تقذفين بحمم الغيرة.
فضربت الملكة بقدمها الصغيرة، وقامت واقفة يائسة، وقالت بحنق شديد: أيها الملك .. ليس مما تعير به ملكة أن تغار على زوجها، ولكن مما يعير به ملك حقا أن يبذل ذهب بلاده تحت قدمي راقصة، ويعرض عرشه الطاهر لخوض الخائضين.
قالت الملكة ذلك، وذهبت لا تلوي على شيء. •••
Page inconnue